كانت الذكرى الأربعين لاستشهاد بشير الجميل (رئيس جمهورية سابق)، مناسبة للتسابق والتباهي على طريقة "بيي أقوى من بيك". فكال النائب نديم الجميل (نجل بشير الجميّل) الشتائم والعنتريات ضد "حزب الله" ورئيس الجمهورية ميشال عون. وأمام جمهور من الطاعنين في السن الذين يحتفظون في قلوبهم بمودة للرئيس الشهيد الذي لا يشبه مطلقا نجله ونجل شقيقه، لجهة الفروسية في التعاطي مع الخصم والقريب في آن معا.
يكفي ان يتذكر الشيخان سامي ونديم أن "تكتل لبنان القوي" قاطع جلسة المجلس النيابي لمناسبة الذكرى متضامنا مع كتلة نواب الكتائب. وأن ميشال عون وحده عندما تسلم دفة الرئاسة الأولى هو من عمد إلى محاكمة قاتل بشير الجميل، وهو الأمر الذي لم يفعله شقيقه امين عندما كان في سدة الرئاسة.كما لم يقاربه الرؤساء الياس الهراوي، اميل لحود ، وميشال سليمان". مش هيك بيكون الوفا". هذا هو لسان كل مراقب موضوعي ومنصف، ولو كان من ألدّ الناس خصومة لعون وتياره.
في المهرجان الهزيل حضورا الذي فاجأ السفير السعودي بضحالته، قبل أن يعرف ان حزب الكتائب بات حزب العجزة، وأن الحضور الشبابي المحدود، كان بالاعارة من حزب "القوات اللبنانية" الذي يمعن نهشا في ما تبقى من الجسد الكتائبي المتهالك.
رحم الله بشير. معه لم يصدق المثل: "من خلف ما مات"،
خالف نديم القاعدة التي اختاطها جده بيار، بالتهجم الحاد وغير المبرر على رئيس الجمهورية، واستخدم عبارات لم يسبقه إليها سمير جعجع الذي يقود حربا شعواء، لا هوادة فيها ضد ميشال عون. والده في بدايات اطلالاته السياسية "نَكْوَعَ" الرئيس إلياس سركيس، فثارت ثائرة والده الذي كان يعتبر انه يحرم على كل لبناني عموما، ومسيحي خصوصا، وماروني تحديدا، التعرض لرئيس الجمهورية لأنه يمثل رمز الدولة، ويشغل الموقع الأول فيها. ومن بعد ذلك أصبح بشير يتعاطى باحترام مع الرئيس سركيس، وقام بينهما تعاون جيد.
من هذا "العبقري" الذي همس في اذن نديم ليقول مثل هذا الكلام الكبير. اهل فعلا يريد خدمته، أو توريطه، أو ارضاء غروره الشخصي لسبب ما. من يهمس في اذن النديم ليس خِلاًّ وفيا، ولو كان من اقرب الناس اليه. لكن "يللي بدو يقدّ مراجل بدو يكون قدّا". ليقل لنا النديم كيف "سينزل" ميشال عون عنوة؟ هل بقوة ساعده؟ أو بالجماهير الملتفة حوله وهو بالكاد "لحس" الأربعة آلاف صوت بعضها "مدفوعة الثمن" بعدما حل ابن عمه كيس المساعدات الخارجية والمصرفية المحلية، بعدما هدده النديم بعدم الترشح للنيابة، ما يؤدي إلى حلول مرشح قواتي أو تغييري محله.
اما سامي الذي يقول أمام الجمهور امورا يضمر عكسها، فامره بات معروفا لدى الجميع، ولاسيما "حزب الله". لذا لا ينزل في الحساب حسابه. صراخ مصحوب باشارات من يديه يفتعلها، وفي ظنه أن الناس يخالونها عفوية، لا يفضي إلى أي مكان، بل إلى استهلاك صاحبه المزيد من أقراص "STREPSIL'S".
كان فولكلورا هزيلا لا يليق بذكرى استشهاد بشير، ما جرى الأربعاء الماضي في ساحة ساسين-الاشرفيه، ولا بقامة هذا الرئيس العملاق. لقد حشر سامي ونديم الجميل العم والأب في "زاموقة" احقادهما الشخصية، وبدلا من أن تكون ذكرى بشير جامعة للكل، وحاضنة لجميع الفرقاء في الوسط المسيحي، جاءت بالطريقة التي ابرزاها، لتزيد الشرخ اتساعا، وتضعف من يدّعيان حمايتهم.
"عش رجبا، تر رجبا".