أشار سفير الإتحاد الأوروبي رالف طراف، عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون مع وفدٍ من سفراء الاتحاد الأوروبي، إلى أن "طلب الاجتماع كان بغرض الاعراب عن القلق الشديد بالنسبة للوضع الراهن في لبنان"، وأوضح "أننا نشاطر الكثير من اللبنانيين ولا سيما صانعي القرار الشعور بأن الوضع الحالي بالغ الحساسية ومليء بالتحديات، لكن يمكن ويجب، معالجته من خلال تدابير حاسمة وشجاعة".
ولفت إلى "أننا نلاحظ انه بعد مضي اكثر من ثلاث سنوات على بدء تراجع النظام الاقتصادي واكثر من سنتين ونصف على تخلف لبنان عن تسديد ديونه السيادية وتقديم الحكومة خطة التعافي المالي، ما زال صانعو القرار اللبنانيون عاجزين عن تنفيذ التدابير الضرورية لاخراج لبنان من المأزق الذي يمر به". وشدد على ان "القرارات المتخذة والتدابير المنفذة ليست كافية، وهو ما تدل عليه توقعات اجمالي الناتج المحلي والدين العام والتراجع الكبير لليرة اللبنانية، نتيجة التضخم المفرط وخسارة القدرة الشرائية لغالبية اللبنانيين وتضاؤل قدرة الشركات على العمل بشكل طبيعي".
وأكد طراف، "اننا نعلم ان صانعي القرار اللبنانيين يعملون في سياق بالغ التعقيد وان هناك بيئة إقليمية ودولية جيوسياسية مليئة بالتحديات، يضاف اليها الجائحة القائمة وتواجد عدد كبير من اللاجئين بالإضافة الى المنظومة المجتمعية والسياسية الطائفية، والانتخابات النيابية التي جرت والانتخابات الرئاسية وموضوع الحكومة، لكن كل هذه الأمور لا يمكن ان تكون عذرا لتأجيل الإصلاحات"، مشددا على "ضرورة الاهتمام اكثر بإعادة بناء المساحة الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان كخطوة اولى لوضع الاقتصاد من جديد على مسار التعافي".
كما تطرق الى "توافق الرأي على ان صندوق النقد الدولي لديه الخبرة والأدوات المناسبة ويمكن ان يكون شريكا في إعادة بناء هذه المساحة"، معتبراً أنه "ليس هناك من حل افضل من صندوق النقد الدولي"، وأكد "ضرورة القيام بالإصلاحات بما في ذلك إعادة هيكلة القطاع المالي واصفا إياها بالضرورية لحماية صغار المودعين".
وذكّر السفير طراف، بـ"توقيع الحكومة اللبنانية الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في السابع من شهر نيسان الماضي، الذي التزمت فيه بعدد من الخطوات التي تسمح للصندوق بتقديم برنامج للبنان"، وأردف أنه "رغم مضي حوالي نصف سنة على توقيع هذا الاتفاق وسنتين ونصف على تحديد الحكومة للتدابير الضرورية لمعالجة الوضع، لم يتم تنفيذ هذه الخطوات تمهيدا للموافقة على برنامج خاص بالصندوق"، واصفا ذلك "بالامر غير الجيد".
وشدد على أهمية ان "يبذل الرئيس عون اقصى ما يمكن للدفع باتجاه تنفيذ الخطوات المطلوبة"، مجددا "دعم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه واستعدادهم الدائم لدعم لبنان في هذه المرحلة المليئة بالتحديات في سياق برنامج محتمل لصندوق النقد الدولي"، وأعرب عن "امله في ان يتم التوصل لبرنامج خاص بلبنان، كفيل بتوفير الدعم الضروري لاعادة بناء المجال الاقتصادي والنقدي والمالي فيه كخطوة أولى لوضع اقتصاده مجددا على مسار التعافي".
وأوضح السفير طراف، ان "دول الاتحاد الاوروبي تعلم جيداً بأن هناك ثقلا وعبءا كبيرين عبر وجود هذا العدد من النازحين السوريين في لبنان ما يتطلب معالجة بشكل ملح وطارئ، ولكننا في مرحلة حاسمة ودقيقة بالنسبة الى لبنان، وهو ينهار اقتصادياً ومالياً ومؤسساتياً، وهناك امور يمكن القيام بها في خلال مهل قصيرة. وقد ساعد صندوق النقد الدولي من حيث المبدأ في ايجاد التدابير الملائمة التي يمكن اتخاذها لمعالجة بعض الجوانب الملحة، داعياً الى التوافق السياسي لمعالجة المشاكل المطروحة".
بدورها، لفتت السفيرة الفرنسية آن غريو، إلى أن "فرنسا تشدد منذ مؤتمر "سيدر" على ضرورة اعتماد قواعد جديدة للعمل في لبنان"، وتابعت "أننا جميعنا نشهد على تراجع المؤسسات اللبنانية ونحن على تواصل يومي مع الوزارات والوزراء حيث يتم تسليط الضوء على هذا الامر، وكاعضاء في الاتحاد الأوروبي على استعداد لنساعد لبنان وان نلعب دورنا في المجتمع الدولي ضمن هذا السياق، الا اننا في المقابل يجب ان نكون قادرين على اقناع الجهات المعنية بالتزام السلطات اللبنانية بالإصلاحات المطلوبة".
وأكدت أن "هذه الإصلاحات يجب تنفيذها والعمل على اعتماد برنامج خاص بصندوق النقد الدولي، الذي يمثل الخيار الوحيد الذي سيسمح بإعادة ضخ الأموال في المؤسسات اللبنانية ويشكل مؤشر ثقة".
ورأت غريو، "ضرورة ان تكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات الى جانب المجلس النيابي وضرورة احترام الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي. وعبرت عن الخشية من ان يؤدي عدم احترام مواعيد الاستحقاقات الى مفاقمة الازمات والانقسامات في البلاد".