بعد تثبيت لسعر الصرف الليرة دام سنوات طويلة على 1507 مقابل الدولار الواحد، أعلن وزير المال يوسف خليل لوكالة أجنبية عن رفعه دفعة واحدة 10 أضعاف الى 15 الف ليرة.خبر صادم خلف زوبعة من ردود الفعل والانتقادات والتأويلات والتحليلات، خصوصا أنه جاء منه بشكل منفرد وكأنه "تهريبة"ليس عن مجلس الوزراء فقط بل ومن خارج سياق الموازنة،ولم يعرف ان كان بالتنسيق مع السلطة النقدية، مما أثار كل هذه الضجة لأنه سيؤثر على كل اللبنانيين من أفراد وشركات وتجار وبنوك وودائع مودعين قد يتبدد ما تبقى منها. ثم عاد وزير المال ليربط قراره بخطة التعافي، بعدها أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الخبر موضحا انه سيجري تدريجيا مع استثناءات أوليّة لتشمل رساميل البنوك وسداد قروض الاسكان والقروض الشخصية التي ستستمر على السعر الرسمي القديم.وطمأن "على ان لا شيء سيحصل فورا وفجأة وان السعر الجديد سيطبّق على المستورد وعلى القيمة المضافة"!.
في هذا الإطار علّق مصدر مطّلع عبر "النشرة "ان سعر الصرف الجديد سيطبق وسيصبح واقعا،مع تأجيل واستثناءات ربما، لكنه آت لا محال لأنّه مطلب أساسي من مطالب صندوق النقد، ويمكن اعتباره خطوة إصلاحيّة على طريق توحيد سعر الصرف،وأوضح المصدر ان المجلس المركزي سيجتمع قريبا جدا، وسيصدر عن مصرف لبنان تعاميم وقرارات تحدّد تطبيق القرار والإستثناءات "الّتي ستخفّف من التداعيات التي كانت متوقّعة،ولفت مصدر مصرفي أن للقرار تداعيات لأنه تزامن مع رفع أجور القطاع العام 3 أضعاف ورفع الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة، ممّا سيؤثر على الأقل على سعر الصرف والأسعار الملتهبة المتفلتّة من كل معايير ورقابة!.
لكن ماذا لو طبق سعر الصرف الجديد من دون خطّة ما هو السيناريو؟هل من ضمانات في لبنان مع المسؤولين "يخبّصون"ويطالعوننا بقرارات خطيرة بهذه الطريقة اقل ما يقال فيها انها اعتباطية ومتسرعة!.
إن كان التطبيق سيبدأ اول تشرين الثاني المقبل، فهو مشروط بتطبيق خطّة التعافي من قبل الحكومة يقول الخبير الأقتصادي د. إيلي يشوعي لـ"النشرة": "كلنا نعرف ان ركائز الخطّة هي بكيفية معالجة الحكومة للإنهيار المالي وعلى رأسهالاموال التي تم تهريبها، والفجوة المالية فيالمصرف المركزي البالغة 75 مليار دولار والتدقيق المالي الجنائي بخصوصها.مشيرا الى وجود ذكر خجول وسريع لها في الخطة مع تركيز أكبر على إعادة هيكلة المصارف وتوزيع الخسائر على كبار المودعين، خصوصا عندما تأخذ الحكومة بالإعتبار فائض الفوائد، او تصنف الودائع بين مؤهلة وغير مؤهّلة،لا سيماتلك التي تكونت بواسطة تحويل الليرة الى دولار على اساس سعر صرف 1500 ليرة بعد تشرين الأوّل 2019.
يشوعي يشرح أنه "حين نقول 15 الف ليرة للدولار، فإنّ هذا القرار يشمل كل المعاملات التي يجريها المواطن مع إدارات الدولة، من المستوردين أصحاب الفواتير بالدولار الّتي ستتحول على اساس القرار الجديد وتخضع للرسم الجمركي، كذلك عقود الايجارات او البيع، ستتحوّل على المبدأ المستحدث وتخضع لضريبة الأملاك المبنية.
من الواضح ان المصارف ستستُثنى من القرار، لكن لم يصدر اي تعميم من المصرف المركزي بهذا الخصوص، عندها من لديه ودائع بالدولار يستطيع تحويلها الى الليرةعلى أساس السعر الجديد المعتمد بدل 8آلاف ليرة، ومن يستفيد من التعميم 158 (400 دولار فريشيقابلها 400على سعر 12 الف)سيأخذ القيمة بالعملة الوطنيّة على 15 الف ليرة. بالمحصلة نحن نزيد الكتلة النقدية بالليرة دون ان اي يكون هناك أي إجراء جدّي بموضوع أعادة توطين الرساميل المهرّبة،والكشف عن مسبّبي فقدان 75 مليار دولار في المركزي.اي بالابتعاد عن اعادة تكوين الاحتياطات الوطنيّة بالعملة الاجنبية بينما الكتلة النقدية بالليرة تتضخم وتتعاظم، وهي أصبحت حتى تاريخ اليوم 60 تريليون ليرة، ومع رواتب القطاع العام التي زادت 3 أضعاف وزيادة الواردات على دولار 15 الف ليرة ستغدو الكتلة النقدية 70 تريليون تقريبا. بالمقابل لا يوجد احتياطات بالدولار، مما يعني ان الهوة تتّسع بين الكتلتين النقديتين بالدولار واللبناني مما يؤثر سلبا على سعر صرف الليرة الأمرالّذي سيدفع الليرة الى التراجع أكثر والانهيار.
من جهته رئيس معهد دراسات السوق د.باتريك مارديني، تساءل اولا ان كان وزير المال قصد سعر الصرف او الدولار الجمركي؟! لأنه أصدر بيانا توضيحيا لاحقا لأنّ الأمرين مختلفان تماما.
وتابع،ان كان المقصود سعر الصرف فهذا الأمر ستكون له مفاعيل عديدة، لأنه سيشمل المداخيل بالدولار وهو يساوي بدوره ما حصل بالنسبة لسعر الجمرك ولا مشكلة في ذلك.لكن مصاريف الدولة أيضا ستصبح مرتفعة مثل سلفات الخزينة لكهرباء لبنان، كذلك الأمر بالنسبة لوزارة الخارجيةلأنّ الدفع بالدولار، كما سترتفع معها صيانة القطع العسكريةوبالتالي ستزيد الكلفة على الحكومة.
وتوقف مارديني في حديثه "للنشرة" أنه قد تكون هناك ايجابيّة لقرار وزير المال وهو تخفيف الهدر من اموال المودعين في احتياطي مصرف لبنان حين ترتفع الاكلاف، وقد يتوقفون عن ممارساتهم السابقة.
وخلص مارديني بالقول الى ان توحيد سعر الصرف بالإجمال خطوة مهمّة جدا وضروريةلكل اسعار الصرف ووجب أن تكون على منصة صيرفة والـ15 الف هي خطوة بالإتجاه الصحيح،وهو اصلاح بمحله يساعد الاقتصاد لتنظيم نفسه.