لم تنته بعد أزمة "مشروع تطوير وتأهيل فائض المياه الشتوي في نبع الطاسة"، رغم القرار القضائي لقاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر، بوقف تنفيذه لحين الكشف عليه والتاكد من مطابقته للقوانين واحترامه لها، فالشركة المنفّذة حاولت العمل ليلاً بعد القرار المذكور برضى مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وبحجّة عدم تبلّغه بشكل قانوني، ما أدّى لوقوع إشكالات بين العمال والمواطنين الغاضبين الرافضين للمشروع.
كثيرة هي التفاصيل التي تمّ الحديث عنها في الإعلام عن هذا الملف تحديداً، المموّل من منظمة اليونيسيف، التي ترفض الإجابة على أيّ استفسار رسمي وشعبي حول المشروع وأهدافه، لكن ما لم يُحكى عنه بعد هو ان له من العمر اكثر من 40 عاماً، مع تبدّل للمنفذ والمستفيد.
يقول رئيس مصلحة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر أن المشروع يهدف لـ"جمع المياه الفائضة عن نبع الطاسة في فصل الشتاء، والتي تخرج من نوافذ غرفة النبع، وجرّها نحو بلدات تعاني من نقص المياه ولا قدرة لديها على تشغيل مضخات مياه الآبار فيها"، وفي العام 1982
كان هناك مسعى لمجلس الإنماء والإعمار، للحصول على ما تبقى من مياه تغذي نهر الزهراني، وجرّ قسم من مياه الشتاء إلى خزانات خارج حوض النهر، وتم إنشاء خط يُعرف بخطّ أنور الصباح وزير الموارد حينها، كان يُفترض أن يكون مخصصاً لفصل الشتاء فقط، إلا أنّه استمر بالعمل طيلة العام، مما جعله سبباً من أسباب جفاف نهر الزهراني الذي اختفت مسارات منه بسبب شحّ المياه.
منذ أكثر من 10 أعوام كان هناك مسعى لسحب ما تبقى من مياه في النهر، والتي يعرف اهل القرى التي يمرّ فيها النهر كيف تغيّر وضَعُف، إذ قرر مجلس الإنماء والإعمار إنشاء خط جرّ جديد على مسار الخط الحالي من نبع الطاسة إلى بلدة شوكين في قضاء النبطية بطول 13 كلم كي يؤمّن المياه خلال ستة أشهر في السنة، للاستفادة من بعض الفائض في النبع أثناء موسم الشتاء كبديل عن الضخّ من آبار فخر الدين"، وهذا ما جعل رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل يناشد اليونيسيف عبر رسالة حصلنا عليها، باستكمال المشروع الحالي معلناً تبنّي البلدية وسكان النبطية له بالكامل، وأنه لا يرى بديلاً عنه يمكن ان يروي ظمأ المواطنين وحاجتهم للمياه مع تضاعف الأزمات وتعقيداتها.
يظنّ رئيس بلدية النبطية أن المشروع الحالي هو استكمال للمشروع السابق وسيمد قرى النبطيّة بالمياه، ولكن بحسب معلومات "النشرة" فإنه تبدّل واصبح يهدف الى إنشاء خط جرّ جديد على مسار عكس مسار الخط الحالي من نبع الطاسة إلى بلدة حومين الفوقا لتأمين المياه خلال ستة أشهر في السنة، للاستفادة من بعض الفائض في النبع لتغذية قرى شرق صيدا، وهنا يجري الحديث أيضاً عن إنشاء مخيم للنازحين السوريين قرب بلدة مغدوشة، سيتمّ تغذيته من هذه المياه، وأيضاً بأنّ الخط لستة أشهر سيصبح خطاً على مدار العام.
هنا لم ندخل في طبيعة المشروع وقانونيّته ومراعاته للشروط البيئيّة، وكيفيّة صرف التمويل، وأسباب اهتمام منظمة اليونيسيف به وتركيزها على العمالة السوريّة ضمنه، وضرره على النهر الذي سيجفّ حتماً، بظلّ سحب المياه من مصدرها أولاً، وحفر الآبار على مساره وسحب مياهه بحال توفرت ثانياً، هنا نتحدث عن مشروع قديم يتجدد مع فارق أن المستهدف بالحصول على المياه قد تغيّر بحسب المعلومات المتوافرة.
اليوم لم يعد بالإمكان تمرير المشروع بالكتمان، إذ دخلت فيه أطراف عدة أبرزها مصلحة الليطاني التي راسلت كل من يعنيهم الأمر من وزارات ومؤسسات ومنظمات دولية، لإبلاغهم بوجوب احترام الدور والصلاحيات والقوانين المرعيّة الإجراء، كما أنّ أهالي اقليم التفاح الذين كانوا مرتابين من المشروع باتوا أشد ارتياباً اليوم، لدرجة انهم حاولوا بأجسادهم منع شاحنات الباطون من صبّ الخزانات.
ليس المطلوب نسف المشروع بحال كان مفيداً، إنما المطلوب احترام القوانين وتوضيح كل علامات الاستفهام حول الاهداف الحقيقية والتوقيت وهوية المستفيدين، والإجابة عن كل التساؤلات بالقانون والإستعانة بأصحاب الخبرات لتبيان حجم الإستفادة والخطر، وبناء على كل ذلك يؤخذ القرار باستكمال المشروع أو نسفه.