مرة جديدة يعود الحديث عن عقدة درزية، ضمن مجموعة من العقد التي تحول دون ولادة الحكومة العتيدة، بعد أن بات هذا الأمر بمثابة عرف في الحكومات الماضية، لكن الظروف هذه المرة تبدو مختلفة، نظراً إلى أن أجواء القوى السياسية الدرزية لا توحي بوجود عقدة فعلية، بل على العكس من ذلك هناك ما يشبه التأكيد بأن الأمور لن تكون صعبة عند معالجة العقد الأخرى.
قبل أيام، أوحى رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط أنّه لا يريد إفتعال أي مشكلة حول هذا الموضوع، خصوصاً بعد تأكيده أن الحزب لن يشارك في الحكومة ولا يريد تسمية أحد أو أن يسمي الغير عنه، رامياً الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، "الذي لديه الحنكة الكافية لتسمية خلف لوزير المهجرين عصام شرف الدين"، لكن في المقابل أرسل رسالة غير مباشرة، بالنسبة إلى إشكالية تسمية البديل قائلاً: "هم هزموا في الانتخابات فكيف يعودون إلى الحكومة"؟.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن جنبلاط يدرك جيداً أنه لا يمكن أن يحصل على ورقة الميثاقية الدرزية في الحكومة الجديدة، وبالتالي من المفترض أن يكون هناك جهة أخرى تسمي أحد الوزيرين الدرزيين، خصوصاً أن شرف الدين، بالإضافة إلى تمثيله رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال أرسلان، هو من ضمن الحصة المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون، في لعبة التوازنات الكبرى التي حكمت ولادة حكومة تصريف الأعمال.
أما بالنسبة إلى هزيمة الفريق الآخر إنتخابياً، تلفت هذه المصادر إلى أن الأمور لا تقاس بهذه الطريقة، نظراً إلى أن هذا الفريق ساهم في فوز نائبين من خلال عدد الأصوات التي حصل عليها، حتى ولو كانت طبيعة القانون الإنتخابي فرضت أن يكونا من طوائف أخرى، مع العلم أن أرسلان ورئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب سجلا تقدماً على مستوى الأصوات التفضيلية التي حصلا عليها، من دون تجاهل وجود مرشح آخر، هو الوزير السابق مروان خير الدين، الّذي قدم طعناً أمام المجلس الدستوري، ومن الممكن أن يقود ذلك إلى دخوله الندوة البرلمانيّة.
على صعيد متصل، ترفض مصادر مقربة من "الديمقراطي"، عبر "النشرة"، الحديث عن عقدة درزية في الوقت الراهن، مؤكدة أن لا مشكلة في التمثيل الدرزي في الحكومة المقبلة، حيث تلفت إلى أن الجميع يدرك أن العقد في مكان آخر، وتشير إلى أن الحزب يدرك جيداً ما يمكن طرحه، على هذا الصعيد، مع الفريق السياسي الواسع الذي ينتمي إليه، بالرغم من كل ما يحكى في وسائل الإعلام في الوقت الراهن.
وتوضح هذه المصادر أن غالبية الأسماء التي يتمّ التأشير اليها، خصوصاً نجل رئيس الحزب مجيد أرسلان، غير صحيحة، بينما هناك مجموعة من الأسماء الأخرى التي قد تكون قيد البحث، لكن ليس هناك ما هو محسوم حتى الآن، إلا أنها تشدد على عدم وجود خلاف مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، كما يروج البعض، بل هناك مداولات ونقاشات تحصل مع الحلفاء.
في المحصّلة، يبدو أن المشاورات الحكومية لم تصل بعد إلى اللحظة الحاسمة، حيث الخلافات لا تزال تطغى على العلاقة بين الأفرقاء المعنيين، بالرغم من الدخول القوي لـ"حزب الله" على خط المشاورات، لكن الأكيد، بحسب المعلومات، أن ما يُروى عن عقدة درزية ليس هو الأساس، خصوصاً أن مواقف الأفرقاء المعنيين لا توحي بالتصلب أو التشدد.