دخلت الموافقات الأولية للبنان وكيان الاحتلال على مشروع الاتفاق على ترسيم الحد البحري بين الجانبين مرحلة الخطوات التنفيذية. حيث يفترض الإعلان عن موقف رسمي بالموافقة على الاتفاق قبل الشروع في خطوات تنفيذية تتعلق بالصياغة النهائية للأوراق التي يجب أن يوقعها ممثلون عن الطرفين بمشاركة أميركية وأممية، ومن ثم الإعلان عن سريان الاتفاق.
ووفقاً للاتصالات الجارية، فإن المشاورات التي جرت بين الأميركيين والإسرائيليين تقضي بأن تعلن حكومة لابيد اليوم موافقتها على المسودة، ما يسمح للبنان بالإعلان عن الموافقة من خلال بيان أو رسالة يوجهها الرئيس عون إلى اللبنانيين اليوم أو غداً على أبعد تقدير. وبعدها يصار إلى انتظار الإجراءات الخاصة بمرحلة الإعلان الرسمي. وتشير التفاهمات الأولية إلى أن لبنان وإسرائيل سيوقعان على نسختين منفصلتين عن الاتفاق، ويقومان بإرسالهما إلى الولايات المتحدة. ومن ثم يتم إيداع نسخة من هاتين الرسالتين لدى الأمم المتحدة.
وحتى اللحظة يحق للرئيس عون أن يوقع على الرسالة أو انتداب من يوقع الرسالة عنه، وهناك نقاش مستمر حول طبيعة الوفد الذي سيتوجه إلى الناقورة لحضور الاحتفال، وحيث من المفترض - حتى اللحظة - أن يحضر الوسيط الأميركي بنفسه وأن يكون هناك ممثل رفيع عن الأمم المتحدة. ويقضي التصور الأولي بأن يقوم الوفد اللبناني بتسليم المسودة الموقعة إلى الوسيط الأميركي في غرفة منعزلة عن الغرفة التي يسلم فيها الوفد الإسرائيلي النسخة موقعة إلى الوسيط الأميركي نفسه. وعلى قاعدة أنه لن يكون هناك لقاء مباشر بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي بخلاف رغبة الجانب الإسرائيلي الذي يهتم باستخدام هذه الصورة في حملته الانتخابية.
الضمانة الأميركية
ومساء أمس، حرصت مساعدة رئيس حكومة العدو على تسريب ما اسموه بفحوى الاتصال بينه وبين الرئيس الأميركي. ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر سياسية مشاركة في المفاوضات، أن الولايات المتحدة التزمت بتقديم ضمان لأي احتمال لخرق الاتفاق من قبل الجانب اللبناني، وأن إسرائيل «ستحصل من الإدارة الأميركية على رسالة ضمانات توضح أن الولايات المتحدة ملتزمة بحقوق إسرائيل الأمنية والاقتصادية في سيناريو يقرر فيه حزب الله أو جهة أخرى تحدي الاتفاقية التي تم توقيعها».
وأضافت المصادر أنه «في أساس الرسالة ضمانات لخط الطفافات على أنه دفاع إسرائيلي وحماية الحقوق الاقتصادية لإسرائيل في حقل صيدا وكذلك منع عائدات الحقل من الوصول إلى حزب الله وفقاً للعقوبات الأميركية».
وفي بيروت، علمت «الأخبار» أن الرئيس الأميركي أبلغ الرئيس عون أن واشنطن ملتزمة أن تضمن التزاماً إسرائيلياً كاملاً بالاتفاق وأن الولايات المتحدة ستمنع أحداً في إسرائيل من خرق الاتفاق، وستكون الضامن الأكيد له.
وبعد وقت قليل من تسلم الرئيس ميشال عون النسخة النهائية من مسودة الاتفاق، وبروز تصريحات رسمية لبنانية تشير إلى أن الاتفاق قد تم، كانت حكومة العدو برئاسة يائير لابيد تعلن عن التوصل إلى «تفاهم تاريخي»، لتشهد ساعات النهار والليل أمس، حفلة صاخبة من التصريحات والمواقف كان البارز فيها مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الاتصال هاتفياً بالرئيس ميشال عون في بيروت وبرئيس حكومة العدو «مهنئاً وداعماً».
توقيع الترسيم في أيامه الأخيرة
انصَبّت كل الاتصالات والاهتمامات امس على ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء تسلّم لبنان الصيغة النهائية لمشروع الاتفاق بينه وبين اسرائيل من الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين، وتلاحقت اللقاءات والاتصالات بين المقار الرئاسية وأفضَت الى موافقة على الصيغة الانكليزية للمشروع فيما عكفت رئاسة الجمهورية على مراجعة الصيغة العربية، واعلنت ان الصيغة «مرضية للبنان لا سيما انها تلبّي المطالب اللبنانية»، كما انها «حافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة الى اللبنانيين». آملة في «أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في اقرب وقت ممكن».
وعلمت «الجمهورية» ان البحث بدأ جدياً في سبل تطبيق الآلية المقترحة للمرحلة المقبلة، خصوصا لجهة الترتيبات التي يمكن ان تتخذ لترجمة الإتفاق الذي تم التوصّل اليه وسط وجود أكثر من صيغة مقترحة.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» ان الاتصالات التي جرت أمس، وشارك فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، دخلت في كثير من التفاصيل حول ما يمكن القيام به في هذه المرحلة بعدما تبين ان هناك اكثر من سيناريو للمرحلة المقبلة.
توقيع الاتفاق بين 19 و20 تشرين الأول الحالي
رجّحت مصادر وزارية مطلعة على أجواء المفاوضات أن يتم توقيع الاتفاق بين 19 و20 شهر تشرين الأول الحالي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «سيحدد الموعد بعد الاتفاق بين الأطراف المعنية، أي إضافة إلى لبنان وإسرائيل، الأمم المتحدة والوسيط الأميركي الذي قد يحضر التوقيع في الناقورة»، مشيرة إلى أن مستوى الوفد اللبناني يحدد لاحقاً بناء على المعطيات ولا سيما المرتبطة بمستوى وفد الطرف الآخر.