شعب لبنان، لمّا لاحظتُ وإيّاكم مدى الرياء والكذب والتحايل على القوانين المرعية الإجرء المرفقة بتصاريح سياسيّة يدّعون فيها التقيّة السياسية أُصِبْتُ بشيء من الدهشة الممزوجة بأسئلة تراودني عن الحِيَلْ التي يعتمدونها لإقناعنا بأنهم "أمْ الصبي" وهم مجرّد تجار زنى سياسي... إنها ألاعيبهم المتقنة على المسرحين اللبناني والدولي، كل واحد منهم يُحاول تمرير لعبته ويُحاول إغراءنا بالكذب لما هو مرسوم ومُتاحا له، ويمنحون لأنفسهم الأسباب التخفيفية لإخفاء الحقائق المفروض أنها معروفة وفقًا للقوانين الدولية والداخلية المرعية الإجراء، أقول هذا الكلام متعمدًا عن قصد ما سُميّ بـ"إتفاق الترسيم".
شعب لبنان، إنّ هؤلاء السّاسة وعلى مختلف تواجدهم ومندرجات مسؤولياتهم من المُجبرين بطبيعة محيطهم على الإندماج في اللعبة التي لا شأن لهم في تقرير أيّ أمر من تفاصيلها، وحتى أحيانًا مع الربح والخسارة يتكيّفون، وأهدافهم تتمحور ضمن عنوان لعبة الأمم بالإستمرار في الدور المُعطى لهم، لأنّ توّقُفْ الدور يعني نهاية حتميّة لوجودهم على المسرح السياسي.
زارني الأسبوع الحالي أحد الدبلوماسيين الغربيين وتداولنا بشؤون لبنان وما آلتْ إليه أمور المفاوضات فيمّا خص "ترسيم الحدود بين الجمهوريّة اللبنانية وإسرائيل" وخلص حديث الدبلوماسي إلى ما يلي وسأنشره حرفيًا: "ليس من مصلحة أي دولة فاعلة على المسرح السياسي الدولي إيجاد حلّ لأيّ مشكلة في العالم، هذه الدولة تُمسِك فقط بخيوط المشكلة، ثمّ تُحركها وفقًا لمصالحها"...
شعب لبنان، بالإستناد إلى النص الحرفي للإتفاق النووي بين مجموعة 5+1 وإيران، أي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين وألمانيا)، والمؤرخ في 25 تشرين الثاني 2013، يُظهر ذلك الأمر أنّ كبير المفاوضين الأميركيين "وليم بيرنز" تحدث عن "تمكين إيران من إستعادة جزء متفق عليه من العائدات المحتجزة في الخارج... إضافة إلى السماح لها بالتحرُّك في بعض الدول التي تُسيطر عليها..." وهذا الأمر يؤكد ما يحصل اليوم على صعيد الترسيم فيما بين لبنان واسرائيل تحت الرعاية الأميركية والمجتمع الدولي وإيران بالتنفيذ والتواطؤ مع السياسيين اللبنانيين، الذين نفّذوا طوعًا ما طُلِبَ منهم سيّما وأنّ الأميركيين إستبقوا المفاوضات بسلسلة عقوبات على بعض من يُمارسون السلطة في لبنان... وإنّ اللبيب من الإشارة يفهم.
شعب لبنان، إنطلاقًا من هذه الثوابت هذا هو الأمر ببساطة ووضوح كاملين وإنطلاقًا من كل القواعد الثابتة في السياسات الدولية المتغيّرة وفقًا للمصالح التي تتأتى، يمكننا القول أنه لا يمكن الإعتماد على أي سياسة دولية في حلّ أيّ نزاع ضمن الدول. والأمثلة شائعة ولا يُمكن حصرها، فأي دولة فاعلة لا تتدخل لحلّ أي نزاع والأسباب كثيرة، نختصرها ببعض الأسباب والتي هي الفقر في بعض البلدان التي لا يوجد فيها موارد معيّنة تفيد الإقتصاد العالمي، كما أنها لا تتدخل في أيّ نزاع في محيط يُسيطر عليه مرجع معين ربما يكون له حصة الأسد في التسوية...
شعب لبنان، لماذا لا نقرأ بتمعُّن وهنا أوجّه مقالتي لصاحب الغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبعض المناضلين الشرفاء، وعلى ما يبدو أصبحوا قلّة بعد صراع المصالح، نعم لنعترف أنّ هناك دولة وإسمها الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة تُصِّرّ على القيام بدور إقليمي أكبر من حجمها، والساحة اللبنانية مرتعها، وها هي تُواصل لعبتها الأمميّة والإقليميّة على الساحة اللبنانيّة عبر الحروب التي أرهقت وتُرهق مناطق نفوذها، وهذا الأمر يحصل بالتكافل والتضامن مع مرجعيّات سياسية في الدول التي تُسيطر عليها، وتحت غطاء دولي يسمح لها ضمن قواعد معينة بالتحرك.
نعم هناك مساحة مناورة لدول عظمى مثل الصين وروسيا بينما هناك بعض الدول منهكة كفرنسا وبريطانيا، وبصريح العبارة بين هذه العوامل وتلك أصبحنا تحت سيطرة ونفوذ وسلطة الإتّفاق الذي سُمِّيَ بـ"ترسيم الحدود"، وها نحن سنحصد نتائجه لسنوات وسنوات، وعلى ما أعتقد سيطول أكثر من النفوذ السوري والذي كسره في حينه بيان الصرح بكركي في العام 2000، ولكن ويا للأسف إستثمرته زمرة سياسية فاقدة للحِّسّ الوطني وللإدراك وللقراءة الناضجة في العلوم السياسية.
شعب لبنان، نعم المسؤولون في لبنان سمحَ لهم مُشغّليهم الإقليميين والدوليين الإستثمار على حساب لبنان وشعبه وربطوا مصيرنا بمصير هؤلاء وإستغّلونا وإستغّلوا دولتنا وجغرافيتها عقائديًا وتنظيميًا وماليًا، إنها لعبة الأمم وآن الأوان للقول: كفّوا عن خداع الشعب إنها لعبة الأمم وأنتم أدواتها الرخيصة يا ساسة.