دعا شيخ العقل لطائفة الموّحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى الرؤساء والمسؤولين الى "تجاوز الاختلافات والاصطفافات والمناكفات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها"، معتبرا ان "أي إنجاز يكون بتضافرِ الجهود، ولا يجوزُ أن يُنسَبَ لهذه الجهةِ أو تلك، بل الجميعُ متأثِّرون بالفشل إذا ما وقع، ومَعنيُّون بالنجاح إذا ما تحقَّق، وهذا ما نرجوه وما نُعوِّلُ عليه في موضوع النفط والغاز ليكونَ باباً لإعادة ثقةِ الناس بدولتِهم وثقةِ المجتمع الدولي بلبنان".
كلام الشيخ ابي المنى جاء خلال زيارتين قام بهما الى بلدتي ابل السقي والسريرة في قضاءي مرجعيون وجزين، تلبية لدعوة من المشايخ والفاعليات والمجلسين البلدي والاختياري واهالي البلدتين، وذلك على رأس وفد من المشايخ ورئيسي لجنة التواصل والعلاقات العامة في المجلس المذهبي اللواء الركن المتقاعد شوقي المصري والثقافة الشيخ عماد فرج، اعضاء المجلس المشايخ: اسعد سرحال، محمد غنّام، فادي العطّار، وسام سليقا وشاهين القنطار، عامر صياغة ورمزي جمّاز.
وأشار أبي المنى الى أنه "أزورُ بلدةَ إبلِ السقي العزيزة؛ بيدرَ الجنوب الغالي، بزَرعِها الوافر وعيشها الطيِّبِ وأدبِها الشعبيِّ، هذه القريةُ الطيِّبة التي قال عنها ابنُها البار سلامُ الراسي أبو علي: (كانت الشمسُ تشرق في ذلك الزمان من وراء جبل حرمون وتغرب خلف مرجعيون، وقريتُنا قائمةٌ في وسط الدنيا). أزورُها اليومَ مُندفعاً بدافعِ المحبة الإنسانية والوحدة الوطنية والأخوَّة التوحيدية، حاملاً إليكم تحيةَ الجبلِ والمجلس المذهبي لطائفة الموحِّدين الدروز، تحيةَ التوحيد والمعروف، شاكراً لمشايخ إبل السقي الأفاضلِ اهتمامَهم ودعوتَهم، وللأهالي الكرام مشاركتَهم وترحيبَهم، ومقدِّراً عالياً وجودَ الشخصيات الكريمة، الروحيةِ والسياسية والأهلية من البلدات المجاورة ومن قيادة اليونيفيل، لكمُ التحيةُ فرداً فرداً مع الاحترام لمقاماتكم الرفيعة وأشخاصكم الكريمة. ومن مزار الداعي عمَّار وما يُمثِّلُ من دعوةٍ صادقة للخير والتوحيد وشهادةٍ مبارَكة في سبيل الحقِّ، إلى قاعة الموحِّدين الموحَّدينَ في إبل السقي وما تُجسِّدُه من تعاضدٍ أهلي وتماسكٍ اجتماعي، أنقلُ إليكم كلمةً طيِّبة كشجرةٍ طيِّبة، مستذكراً الآيةَ الكريمة: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"، ومن الجَمع التوحيديِّ في المزار المبارَك أحملُ إليكم ومعكم رسالةً واحدة؛ رسالةَ الصدق والأخوَّة، رسالةَ الإيمان والارتقاء في مسالك الطهر والصفاء، رسالةً إسلاميةً مسيحيةً توحيدية، حيث لا غايةَ للرسالة إلَّا الإنسانُ وكرامةُ الإنسان، والمجتمعُ وسعادةُ المجتمع، والوطنُ وسلامةُ الوطن".
اضاف: "رسالتُنا أيُّها الأحبَّة، هي رسالةُ حفظِ الدين ومقاصدِ الدين السامية، ليكونَ الدينُ سبيلاً لتحقيق الغاية الأسمى، لا ليكونَ هو الغاية، وغايةُ الدينِ هي البناءُ الإنسانيُّ والاجتماعي، بناءً قائماً على أُسسٍ روحيةٍ وفكريةٍ وأخلاقيةٍ، يبدأُ من داخل كلِّ واحدٍ منَّا، ليتّسعَ إلى بناءٍ عائليٍّ وتربويٍّ وثقافيٍّ واجتماعيٍ ووطنيٍّ وإنسانيّ، ومَن لم يبدأُ بالإصلاح من ذاتِه فعبثاً يُحاولُ إصلاحَ مَن في الخارج، ومَن لم يجمع شملَ عائلتِه فكيف له أن يجمعَ شملَ الآخرين؟ ومن لا يثبتُ على القِيم والمبادئ والمكرُمات فهل يثبتُ على شيء؟ ومَن لا يدافعُ عن أرضِه وحقِّ أهلِه فليس بجديرٍ بحملِ رسالةِ الوطنية والولاء للوطن. رسالتُنا أيُّها الأحبّةُ هي رسالةُ الوطن وحفظِ الوطن، نحملُها من موقعِنا في مشيخة العقل ورئاسة المجلس المذهبي، على مستوى الطائفة وعلى مستوى الوطن ككلّ، فندعو أبناءنا وإخوانَنا الموحِّدينَ ليكونوا قدوةً في أخلاقِهم المعروفية وصفائهم التوحيديّ وتضامنِهم الاجتماعي ورُقيِّهم العلمي وحضورِهم الوطني، ولِيحافظوا على إرث الآباء والأجداد ويُضيفوا إليه عملاً مؤسساتيَّاً مُجدياً ونهضةً مؤثِّرة وانفتاحاً مدروساً، وفي ذلك قوةٌ لهم وقوةٌ للوطنِ بهِم، كما ندعو أبناءَ الوطن جميعاً ليكونوا أقوياء كذلك في مجتمعاتِهم وفي حضورِهم الوطني، لنكونَ معاً أقوياءَ بوحدتِنا، وأقوياءَ بالمواطَنة الحاضنة للتنوُّع، وبالعيش معاً، وبالتكاملِ الاجتماعي والشراكةِ الوطنية. في إبل السقي نَستلهمُ بركةَ "خلوات البيَّاضةِ"، بيَّاضةِ القلوب الطاهرة، ونستلهمُ التاريخَ العابقَ بالقداسةِ في أكثر من مكانٍ وزمان.. وفي إبل السقي نرفعُ الدعاءَ الخالصَ معَ السواعدِ المقاوِمة ليرتفعَ عن جنوبِنا الحبيبِ كابوسُ الظلمِ والعدوان، ولِيَحُلَّ السلامُ فلا نعودُ بحاجةٍ لإرهاقِ القواتِ الدوليَّةَ بمراقبةِ قرانا وحدودِنا مع العدوّ، بالرغم من وجودِها المُطَمْئنِ والمساعدِ للأهالي، وإبلُ السقي شاهدةٌ على ذلك، وأهلُها حريصون، كما كلُّ أهالي المنطقة، على حفظ حقوق الوطن بأرضِه ومائه وثرواتِه، وحقِّ اللبنانيين بالعيش الآمن وعودة الاستقرار والازدهار".
وتابع: "إنّ مسؤولياتِنا الأخلاقيةَ والروحيةَ والاجتماعية تحتِّمُ علينا كقادةٍ روحيين أن نُطلقَ نداءَ المحبة والأخوّة، وأن نلتقيَ على ثوابتَ وطنيةٍ جامعة، وأن نَحُثَّ الرؤساءَ والمسؤولين، على تنوُّع مواقعِهم وأحزابِهم، لتجاوز الاختلافات والاصطفافات والمناكفات، ولإنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، ولشَبك الأيادي من أجل إنقاذ الوطن من حالة التدهور والانهيار، فقوَّةُ لبنانَ في وحدة أبنائه، وأيُّ إنجازٍ يكونُ بتضافرِ الجهود، ولا يجوزُ أن يُنسَبَ لهذه الجهةِ أو تلك، بل الجميعُ متأثِّرون بالفشل إذا ما وقع، ومَعنيُّون بالنجاح إذا ما تحقَّق، وهذا ما نرجوه وما نُعوِّلُ عليه في موضوع النفط والغاز ليكونَ باباً لإعادة ثقةِ الناس بدولتِهم وثقةِ المجتمع الدولي بلبنان".