بعد إنجاز الترسيم البحري وتبادل التهاني، هل نأمل أن يستفيد لبنان وشعبه من عائدات النفط والغاز الموعودة في ظلّ ادارة المنظومة ذاتها المتّهمة بالهدر والفساد؟ وهل يمكن ان يمهّد او يسرّع الترسيم البحري للمباشرة بالبري؟ وماذا عن تداعيات ارتفاع اسعار الديزل عالميا وتداعياته على لبنان؟.
بداية يعلّق مرجع نفطي عبر "النشرة" على استخدام عبارة لبنان اصبح بلدا نفطيّا لينفي هذه المقولة راهنًا لأنّ هذا الشعار يُترجم فعليًّا عند الاكتشاف والانتاج التجاري. والنقطة الأساس الّتي تترجم الشعار السابق ذكره يكمن بكيفيّة سوء الإدارة والتعامل مع الملف النفطي منذ بداياته سنة 2006 او 2007 ناتج عن قلة الخبرة والمحاصصات السّياسية، ومحاولة ادعاء الأبوّة للقطاع النفطي، مع العلم انّه يتيم يتيم في لبنان، وكل من تداول السلطة عليه تنقصه الخبرة والمهنيّة والإختصاص. من هنا يعبّر المرجع ذاته عن مخاوفه من استمرار المنظومة نفسها بنفس رموزها الحاكمة من عدم نجاح استفادة لبنان من موارده النفطية، متمنّيا ابقاء هذه الموارد في القعر حتّى مجيء أجيال نقيّة تعرف كيفيّة استغلاله للصالح العام بعيدا عن المحاصصات والسياسة، خصوصا انه قطاع علمي تقني إقتصادي، ويشكل خشبة خلاص للمستقبل من الواقع المرير الذي نعيشه. متسائلا حول كيفية الكلام عن الصندوق السيادي ونحن لا عائدات نفطية لنخصص لها مثل هذا الصندوق؟.
ولفت المرجع الى انه كان يجب في عملية ترسيم الحدود البحريّة بين المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة للبنان وتلك الّتي لإسرائيل ويكون إنطلاقها خط الإرتكاز البرّي أي النقطة ب 1، لكن الذي تم اننا اكتفينا بالمنطقة الأولى دون الوصول الى البرّ اللبناني او حتى دون الوصول الى المياه الإقليمية اللبنانية، لأن تل أبيب تحاول ان تفرض أمرا واقعا لأسباب أمنيّة واستراتيجيّة باستعمال خط العوّامات الداخلة في مياهنا الإقليمية ضمن مساحات تقدر بـ10 كلم، لكن أهم نقطة أنه كان يجب اعتماد عدم الفصل بين النقطة البرية والنقطة 23، التي تبتدئ غربا فيها وتنتهي بالنقطة 20 على امتداد الخط باتجاه الشرق. واعتبر المرجع ان الحدود البرية ستكون مشكلة ثانية، حيث لاسرائيل أسباب أمنية ولهذا السبب تمسّكت بـ1 التي هي تاريخيا حجر أساس الحدود البريّة وهي تجاوزتها بحدود 35 مترا، مما يعني ان الترسيم البري سيتطلب وقتا، وسيكون معقدا بحيث لن يتمّ بسهولة بل سيأتي ضمن صفقة كبرى للشرق الأوسط.
من ناحية ثانية وفي ما يتعلّق بأسباب ارتفاع اسعار النفط عالميًّا أوضح المرجع أنه جاء أولا بسبب وفقا لقرار اوبك+ السعودي الروسي بخفض الانتاج بمليوني برميل يوميا، الّذي يأتي ضمن خانة اقتصادية تقنية عبر عملية خلق توازن بين العرض والطلب، عازيًا ما يحصل الى الانكماش الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب بدول الاتحاد الأوروبي على النفط، ما أدى الى تراجع عالمي بالميزان فأصبح العرض اكثر من الطلب. ورأى أحقّية القرار لاوبك+ للحفاظ على الأسعار بين 95 و100 دولار لخام برنت وبين 90 و95 لخام غرب تكساس.
وشرح المرجع عبر "النشرة" ان دول اوبك+ تعمل لمصلحتها، والدول المستهلكة ايضا تصرخ من الوجع بسبب التضخّم والركود الاقتصادي والحرب الاوكرانية، مما يجعل الترابط الجيوسياسي-الاقتصادي بمرحلة من الركود أدى الى انكماش مع اقتراب العام الحالي من نهايته وسيستمرّ مع العام المقبل ضاربًا الدول المتقدمة التي ستكون الأكثر تأثّرا به، مرجّحًا عدم تراجع الاسعار لن تتراجع كما يظن البعض لأن الاميركيين مهما استخدموا من مخزونهم الاستراتيجي لا يمكنهم تغطية العالم، لأن امداداتهم من الغاز او النفط لها سقف وحدود، وعلى الارض لا يمكن استقبالها بسهولة، وبالتالي فإنّ الاوروبيين سيشعرون بوجع أضخم من اي فترة سابقة، لا سيّما اننا على أبواب الشتاء والطلب لديهم سيزيد على الديزل، وتاريخيا لم يكن يوما اغلى من البنزين في أن الديزل تجاوزه منذ 7 اشهر بحكم الطلب لتوليد الطاقة بدل الغاز الروسي، ومهما حاول الغرب بحسب المرجع فلا حلول مكان الغاز الروسي الذي كان يشكّل 40% من الامدادات الاوروبيّة ممّا بدأ يشكل حالة هلع تعيشها دول اوروبا واقتصادياتها.
وأكد المرجع أننا سنعاني أيضًا في لبنان ستعاني من ارتفاع في اسعار الديزل لأنّ محطات الكهرباء الموجودة تعمل بواسطته. وطالب باصلاحات هيكليّة ادارية لقطاع الطاقّة واعادة هيكلة للقطاع النفطي بالكامل لان الرموز الادارية والسياسية التي تعاطت بالقطاع النفطي اثبتت فشلها، خصوصا اننا بدأنا مع اسرائيل بشكل متوازٍ في عمليّات المسح الجيولوجي، وهي منذ 2013 اصبحت بلدا منتجا ولديها اكتفاء ذاتيا من الغاز، وتتحول تدريجيًّا الى بلد مصدر له بينما نحن ندّعي اننا أصبحنا بلدا نفطيًّا.