منذ بروز نتائج الإنتخابات النيابية، سعى كل من حزب "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" إلى الحديث عن وجود أكثرية معارضة، بالرغم من أنها لم تظهر نفسها في أيّ من الإستحقاقات الإنتخابية في المجلس النيابي، لكن جلسات إنتخاب رئيس الجمهوريّة، لا سيما التي عقدت يوم أمس، أسقطت هذا الرهان.
نتيجة الأصوات التي نالها رئيس حركة "الإستقلال" النائب ميشال معوض، 42 صوتاً، دفعت عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب جورج عدوان إلى الحديث عن أن هناك 22 نائباً يجب أن يصوّتوا لصالحه في الجلسة المقبلة، المقرّرة يوم الاثنين المقبل، على قاعدة أنّ الأقلّية داخل المعارضة يجب أن تخضع لقرار الأكثريّة، التي سبق لها أن توافقت على معوّض لخوض هذه المعركة.
في هذا الإطار، لم تتأخّر مجموعة من النواب التغييريين في رفض هذه المعادلة، على قاعدة أنهم ليسوا جزءاً من تكتّل سياسي مع القوى التي اختارت التصويت لصالح رئيس حركة "الإستقلال"، وبالتالي لا يمكن أن يطلب منهم الإلتزام بهذا الخيار، مع العلم أنّ هذه المجموعة ليس من السهل، في الأصل، أن تتفق على مرشح يملك القدرة للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
على هذا الصعيد، يؤكد أحد النواب التغييريين، عبر "النشرة"، رفض هذه الدعوة، خصوصاً أن الهدف منها جرّهم إلى إصطفاف سياسي لا يريدون أن يكونوا أحد أركانه، بل على العكس من ذلك يعتبرون أن العديد من القوى التي تصنف نفسها معارضة هي جزء من المنظومة السياسية، وبالتالي هم يفضّلون البقاء على موقفهم المتميز عن الإنقسام التقليدي بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار.
أبعد من ذلك، يذهب هذا النائب إلى الحديث عن أن الإتفاق مع القوى الأخرى، التي تصنف نفسها من ضمن المعارضة، لن يقود إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، نظراً إلى أن الأمر يتطلب تأمين نصاب الجلسة، أي 86 نائباً، وهو ما لا يمكن أن يحصل من دون التوافق مع باقي الأفرقاء، وبالتالي العملية واضحة لا تحتاج إلى الكثير من الشرح، وكان من الأفضل التعاون مع المبادرة التي كان قد طرحها التكتل منذ البداية.
حتى الساعة، لا تزال العديد من القوى السياسية تصر على إعتبار ترشيح معوّض مجرد "مناورة" من قبل "القوات" و"الإشتراكي"، لا سيّما أنهما يدركان جيداً أن هذا الخيار مرفوض من قبل الفريق الآخر، لكن على ما يبدو المطلوب منه أن يدفع الفريق الآخر، أي قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر"، إلى كشف أوراقه، على أن تبدأ بعد ذلك عملية البحث عن التسوية الممكنة، لكن هذه "المناورة" تؤمن لهما أن يكونا خارج دائرة المعرقلين.
في ضفة قوى الثامن من آذار، تؤكد مصادر نيابية، عبر "النشرة"، على أن الأمور لم تنضج بعد، الأمر الذي يدفعها إلى التمسك بخيار الورقة البيضاء في الوقت الراهن، لكنها تشدّد على أن ذلك لا يلغي أن المطلوب تكثيف اللقاءات لتأمين التوافق على إسم الرئيس المقبل، خصوصاً مع إقتراب نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي حين ترفض تحميلها وحدها مسؤولية العرقلة أو التعطيل، تشدد المصادر نفسها على أن المطلوب من الجميع التعامل بواقعية مع هذا الإستحقاق، وبالتالي فتح باب الحوار حول الخيارات المنطقية التي تقود إلى الإنتخاب لا المزايدة، وتشدد على أن الخيار المطروح من قبل الفريق الآخر، أي معوض، لا يمكن أن يكتب له النجاح، بالرغم من تشديدها على أن ضمن فريقها أيضاً المطلوب الذهاب إلى حسم الأمور، لا الإستمرار في معادلة الفيتوات، سواء داخل الفريق نفسه أو في التعامل مع الفريق الآخر.
في المحصلة، موقف النواب التغييريون يؤكد من جديد الحاجة إلى التسوية، نظراً إلى أنه يفقد الكتل التي تُصنف معارضة القدرة على تأمين 65 نائباً لمرشحه، قبل الرهان على الضغط لمنع الفريق الآخر من العرقلة عبر لعبة النصاب، لكن هذا الأمر من غير المتوقع أن يحصل من دون تدخلات خارجية، حتى الساعة لم تظهر معالمها بعد.