لفتت نائبة المفوض العام لوكالة غوث اللأجئين الفلسطينيين "الأونروا" ليني ستينسيث في مؤتمر صحافي مؤخرا الى ان "البنى التحتية في لبنان سيئة ولم يتم أصلاحها منذ مدة وبسببها دخلت الكوليرا الى لبنان وهو مرض جديد في هذا البلد".
بداية وبغض النظر عن اسباب الكوليرا. مما لا شك فيه أن البنى التحتية في لبنان راهنا ليست فقط سيئة بل مهترئة وقذرة. وللأسف فان كل دول العالم تدرك اهميتها وتخضعها للصيانة بشكل دوري على الأقل كل 20 سنة. الا عندنا لا أحد يبالي مع أنها تتعرض لضغوط كثيرة، فمن المسؤول عن أهمال الصيانة وتداعياتها الخطيرة التي نشهدها، ولأية أسباب؟!.
معروف انه بحسب أهداف الأمم المتحدة يعد الاستثمار في البنى التحتية الأساسيّة المستدامة أمرا بالغ الأهمّية، وتشمل المياه والكهرباء والاتصالات والصرف الصحي والنقل، بالاضافة الى تلك الاجتماعية منهالا كالمنتزهات، المنتجعات السياحية، المدارس، المكتبات والمستشفيات وغيرهم. وتعتبر ركيزة اساسية لتحقيق النمو والإزدهار الإقتصادي في أيّ بلد لتحسين المستويات المعيشيّة للمجتمعات المحلّية في جميع انحاء العالم. ومعروف أيضا أنّها أحد المقوّمات الرئيسية في النجاح الإقتصادي لأيّ دولة. أما معالجتها فتقتضي تخطيطا مسبقا على المدى الطويل يمتدّ عبر الحدود الجغرافية والسياسية والثقافية. وببساطة شديدة من دونها لن يكون لدينا مجتمع سليم، لأنها يجب أن تلبي احتياجاته وتقييم أثرها ونتائجها على المدى الطويل بما في ذلك الموارد المطلوبة لضمان طول عمرها.
وتتطلب العديد من أهداف التنمية المستدامة المقترحة بنية تحتية صلبة تؤدّي وظيفتها. واذا كان المراد تحقيق تلك الأهداف -دائما بحسب الأمم المتحدة - فأشكال الطاقة الموثوقة وتوافر المياه الصالحة للشرب والتعليم والسلامة والأمن والخدمات الاجتماعية والاقتصادية، كلها تصبح ممكنة من خلال بنى قادرة على الصمود.
ننتقل الى شأننا المحلي، في لبنان حيث بات معروفًا الضغط الكبير على بنية نهشها الزمن بفعل الحروب وتخريبها المستمرّ من أيّ إذن رسمي يراعي الشروط الآمنة، اضافة الى فساد السياسيين الّذين يسرقون ويهملون ويتغاضون عن مخالفات بنيوية فيها، لنصل الى الزيادة السكانّية الطبيعيّة واللاجئين الفلسطينيين والاعداد الضخمة جدا للنازحين السوريين الّتي سرّعت أكثر فأكثر بتعطيل الشبكات مع عوامل اخرى، لكن ماذا فعل من يسمّون أنفسهم بالمسؤولين حيال ذلك؟.
في هذا السياق اعتبر الخبير الأقتصادي د. لويس حبيقه عبر "النشرة" ان البنى التحتية في لبنان ليست فقط غير مؤهّلة بل هي "قذرة"، فالماء حتى ان كانت نظيفة تتّسخ والسبب عدم الصيانة والتأهيل بشكل مطلق، لأن ايرادات البلديات تقلّصت كثيرا، خصوصا أن الأموال بالعملة الوطنيّة فيما الإنفاق بالدولار. اذن برأيه لدينا قلة قدرة مادّية على التغيير والتجديد، وهناك ايضا كسل كبير لأننا اذا عدنا الى الوراء قبل الأزمة بـ10 سنوات، نرى ان الوضع كان ذاته لكنه حاليا تدهور أكثر. فكل شيء ليس بالمستوى المطلوب كالطرقات والمطار والكهرباء والمياه الى وما هنالك.
اذن القول ان الكوليرا جاءت الى لبنان بسبب البنى التحتية السيئة صحيح. فهي ظهرت من قلّة النظافة قال د.حبيقة وتابع حتى البيوت والمحلات والمطاعم لا تنظف كالسابق، ولا أرى امكانية للتصحيح لأن الإيرادات غير متوافرة.
أما رئيس بلدية الدكوانه أنطوان شختورة فعلق عبر "النشرة" بالقول "ان كلام منسقة "الاونروا" صحيح في جزء منه، لكن ليس كله، لأن للكوليرا عدة اسباب، ليس فقط البنى التحية التي برأيي بدأنا باعادة تأهيلها بشكل خاطئ، واكملت على المنوال نفسه والتصحيح يجب ان يحصل بشكل دوري مثلا كل 20 سنة لكن الأمر يلزمه كميّأت كبيرة من المال وهو للأسف غير متوافر.