إنتهت ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وهي التي لم تكن كسابقاتها من العهود الرئاسية. مفهوم "الرئيس القوي" الذي كرّسه عون، ترافق مع نكبات عديدة حلّت بالبلد، لدرجة أنه هو بنفسه مازح الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، أثناء وداعه لهم، قائلاً: "ما في شي ما صار كان بعد ناقص يوقع نيزك عنّا"، وتابع "يوم قالوا إنّ الصاروخ الصيني ضائع ولا أحد يعرف أين يغطّ قلت لهم أكيد بيوقع عنّا".
صحيح أن الرئيس عون كان يتحدث "بالمزاح" يومها، ولكن في كلامه الكثير من المعاني، نعم "ما بقي شي ما صار بهالست سنين"، ونعم "أُثقل" كاهل الشعب اللبناني بدءًا من "الاحتجاجات" التي اندلعت في 17 تشرين الأوّل 2019 إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، فقدان الودائع وعدم إمكانيّة سحب الأموال، وصولاً إلى الكورونا وانفجار المرفأ وغيرهم...
نعم كثيرة هي الأمور، ولكن هل تطلّع أحد إلى المقلب الآخر، أي ماذا لو حصل كلّ ذلك ولم يكن عون رئيساً؟ أي لم يكن هناك من يتمتّع بشخصية خاصةً تنبع قراراتها من نفسها وضميرها، ولديها ككتلته النيابية وتتمتع بشعبيّة، أين كان لبنان اليوم؟ هل كان حصل ترسيم الحدود البحريّة مع اسرائيل مثلاً؟.
"لا شكّ أن الوعود الكثيرة التي دخل بها عون وفريقه السياسي إلى قصر بعبدا، والتي لم تأتِ بثمارها، أدّت إلى خيبة أمل كبيرة لدى الشعب عانى ويعاني من الأمرين بسببها"، هذا ما يؤكده جزء من الشعب له أب هاجر بحثا عن لقمة العيش، أو شاب تخرّج ويبحث عن عمل... نعم لا يمكن الا التوقف عند هذا الوجع، ولكن في الجهة المقابلة تسأل مصادر مطّلعة عن الحالة التي كنا سنصل اليها، لو كانت البلاد بقبضة رئيس ضعيف لم يعاند ويرفع الصوت في وجه كلّ المخطّطات، بدءًا من اعتقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في السعوديّة وصولاً الى خطة التعافي وكيفيّة توزيع الخسائر، بالإضافة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل.
"نعيش اليوم "معمعمة" تشبه تلك التي عاشها لبنان منذ قبل وصول عون إلى سدّة الرئاسة". وهنا تلفت المصادر إلى أن "فترة الفراغ ستكون حتماً قاسية، في ظلّ عدم وجود حكومة تستطيع أن تستلم زمام الأمور في فترة الشغور الرئاسي"، وهنا تتخوّف المصادر "من خضّات في الشارع خلال فترة قصيرة قبل الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية".
مرّات ومرّات كرّر الرئيس عون أمام زوّاره أننا "نؤسس لأشياء عديدة ولكن الخوف هو على الاستمرارية مع الرئيس المقبل". وتشير المصادر إلى أن "من يعرف الرئيس عون يدرك أن "المعارك" الّتي فُتحت مع انتهاء ولايته، لأنّ المعركة الجديدة هي معركة النظام الذي كبّله، ومعركة الرئيس المقبل الذي سيحمي ما كان بدأه في عهده، فمن سيؤمّن مثلاً تطبيق اتفاق الترسيم داخلياً غير الرئيس المقبل"؟.
خرج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا محاطاً بحشد شعبي متحرراً من قيود الرئاسة، فهل أسّس للعهود المقبلة؟!.