علمت «الأخبار» أن الجهات القضائية الألمانية التي تحقّق في الملفات المفتوحة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهم تبييض أموال واختلاس أموال عامة، تتجه إلى اتخاذ إجراءات تعتبر القضاة اللبنانيين الذين يتباطأون في مساعدة القضاء الأوروبي في التحقيق مع سلامة، خصوصاً في ما يتعلق باتهامات تبييض الأموال في أوروبا، «مشاركين في هذه الجرائم». وقد تم إبلاغ الجهات القضائية المعنية بالأمر، وعلى رأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.
مصادر قضائية لبنانية رفيعة أبلغت «الأخبار» أن لبنان تلقّى طلبات فرنسية وألمانية بالسماح لقضاة من البلدين بالحضور إلى لبنان والحصول على دعم ومؤازرة من القضاء اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية لإجراء تحقيقات مباشرة مع شركات ومصارف وشخصيات، من بينها الحاكم. وأكّدت المصادر أن لبنان لم يمانع ذلك، لكنه اشترط في المقابل السماح لوفد قضائي لبناني أيضاً بالتوجه إلى عواصم أوروبية وإجراء تحقيقات مباشرة، بدعم من السلطات الأوروبية، مع كل من يراه متورطاً أو مشتبهاً بتورطه في تسهيل عمل سلامة وفريقه. وأضافت المصادر أن الأوروبيين لم يردوا على الطلب اللبناني بعد، وأنهم يعرفون أن التحقيقات اللبنانية لم تعد تقتصر على سلامة وفرقته الصغيرة، بل تشمل مصارف ومصرفيين وشخصيات مالية أوروبية رفيعة، لا سيما في فرنسا وألمانيا وسويسرا. وأكدت أن لبنان لن يعطّل التحقيقات الأوروبية، لكنه لا يريد تعطيل أوروبا للتحقيقات اللبنانية، لأن المعطيات في ملفات التحقيق اللبناني تشير صراحة إلى وجود شركاء لسلامة يعملون في إدارات مصارف أوروبية وتؤكد حصوله على تسهيلات من شخصيات نافذة هناك.
وكان الادعاء العام في ألمانيا أعلن في 28 آذار الماضي أنّ حاكم مصرف لبنان «هو أحد المشتبه بهم، في إطار تجميد أصول لبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ بقيمة 120 مليون يورو، في عملية لمكافحة تبييض الأموال». جاء ذلك بعدما جمّدت السلطات في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصولاً بقيمة 120 مليون يورو مرتبطة بالتحقيق في قضية غسيل أموال في لبنان، من بينها ثلاثة عقارات في ألمانيا (واحد في هامبورغ واثنان في ميونيخ)، وأسهم في شركة عقارات مقرها دوسلدورف تقدر قيمتها جميعاً بحوالي 28 مليون يورو، ومصادرة أموال أخرى بحوالي 7 ملايين يورو. وفي فرنسا، صادرت السلطات مجمعين عقاريين في باريس بقيمة 16 مليون يورو، إضافة إلى عدد من الحسابات المصرفية في فرنسا (2.2 مليون يورو) وموناكو (46 مليون يورو). وصادرت السلطات البلجيكية مبنى في بروكسل بقيمة 7 ملايين يورو. وفي لوكسمبورغ جُمّد 11 مليون يورو في عدد من الحسابات المصرفية.
وبلغت قيمة الحجوزات على الممتلكات العائدة لسلامة في مختلف البلدان الأوروبية، حتى اليوم، نحو 170 مليون يورو، مقابل مبالغ مشتبه بها بحوالي 330 مليون دولار و 5 ملايين يورو، إضافة إلى الحجز على حسابات في مصارف في فرنسا بقيمة 2.2 مليون يورو تعود لآنا كوزاكوفا، والدة ابنة سلامة.
وتنسّق الجهات القضائية الأوروبية تحقيقاتها في إطار وكالة «يوروجست» (Eurojust) التابعة للاتحاد الأوروبي (مقرها في لاهاي - هولندا) التي شكّلت فريق تحقيق مشتركاً في هذه القضية.