107,372 مواطنا ومواطنة غادروا لبنان في السنتين الماضيتين وقد يتجاوز عددهم 130,000في نهاية العام. هذا ما صرح به مدير المؤسسة الدولية للمعلومات جواد عدرا!.
ما هي خطورة هذه الموجة الجديدة من الهجرة التي تسببت بها الأزمة الإقتصادية الماليّة النقديّة الاجتماعية غير المسبوقة، التي يتخبط فيها لبنان منذ عام 2019، والتي جعلت الناس "تستميت" للخروج الى اي بلد! والعمل في الخارج هربا من المسؤولين المستهترين بلبنان واللبنانيين لدرجة انها فضلت قوارب الموت التي أودت بحياة المئاتغرقا في عرض البحرعلى البقاء في بلد يتحلّلبسبب العصابات!.
إغتراب اللبناني غير جديد ولطالما رغب بالسفر لتطوير وتوسيع أعماله وأسواقه، وتحسين مستوى معيشته. والإغتراب بلا أدنى شك هو نعمة للبلدان التي استقر فيها اللبنانيون وللوطن على حدّ سواء، بسبب تعلّقهم في هذا البلد كانت التحويلات المالية المرسلة ولا تزال هي سبب صمود العديد من العائلات. لكن المخيف في الموضوع اليوم، أننا بصدد هجرة جديدة إفلاسية غير بنّاءة، اذ ان قسما كبيرا من المهاجرين يهدف للحصول على جنسية ثانية والاستقرار في بلد آخر، كما ان هذه الهجرة الحديثة من شأنها افراغ البلد من كوادر وكفاءات في مجالات عدّة حيويّة، ويكفي ان نذكر القطاع الإستشفائي والتعليمي على سبيل المثال لا الحصر.
نذكر أن الاغتراب مرّ بموجات عدّة، وعمره مئات السنوات، حيث اندفع اللبناني بعد الحرب العالميّة الأولى والثانية الى الخارج، ومع بداية الحرب اللبنانية قصد أميركا اللاتينية وبلدان اخرى كان فيها حروب وعدم استقرار وساعدوا بإنمائها وإعادة نهوضها وتطويرها، ولا ننسى بلدان أفريقيا وانخرطوا بحياتها اقتصاديا واجتماعيا وصناعيا وبرزوا في كل المجالات، وهناك من قصد الدول العربية أيام الفورة النفط يّة وساهموا بنهضتها العمرانية، ولا ننسى من هاجر الى القارة الاسترالية والقارّة العجوز ومنهم من استوطن كندا وحتى الولايات المتّحدة.
رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل أشار عبر "النشرة" "ان اللبناني الناجح كان يذهب ليصدّر نجاحه ومعرفته وتطوير أعماله وأسواقه. كان الاغتراب اللبناني دائما الأساس في حياة الاقتصاد اللبناني فكان يمثل 20% من الناتج المحلي واليوم أصبح 40 او 50 %. الا أن المخيف فيه أن من يغادر فهو يهرب دون أن يختار الوجهة لأنّ القصد تأشيرة الدخول. المغترب الجديد لا يختار مهنته في البلد المضيف، بل يقبل بأيّ عمل يعطيه أيّ مدخول هربًا من الواقع، وهذا يغير كثيرا من قصد الاغتراب الذي كان بناءً، فالناس فقدت الثقة على المدى القصير والمتوسط وأتمنى ألاّ يكون للبعيد".
نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون الذي أكّد عبر النشرة أن هذه الهجرة لها تأثير كبير على القطاع الإستشفائي، سواء لناحية جودة الخدمات أو نوعها، كشف الى اقفال بعض المستشفيات لأقسام منها بسبب أعداد الأطباء المتناقص والممرضين الذين يتولون العمل فيها. ورأى أن الخطورة بالذين سافروا خلال السنتين الماضيتين هم بين الفئة العمرية 30 و50 سنة ممّن لديهم كفاءات عالية وراكموا خبرات جيدة، ولن يعودوا الى الوطن لأنهم بغالبيتهم يفكرون بالاستقرار في البلدان التي انتقلوا اليها. وهذا الأمر سيشكل بحسب هارون فجوة في الخدمات الإستشفائية من المتوقع ان تستمر لسنوات عدّة أو لجيل كامل، حتى إذا أصطلحت الامور يمكن ان نعوّض عن هذاالنقص.
عميد كلية ادارة الأعمال في جامعة القديس يوسف د.فؤاد زمكحل أكّد ان "المخيف هو القهر الذي نراه عند الذين يغادرون ليبنوا حياة جديدة لهم ولأولادهم وأحفادهم. وما يخيف اكثر هو الاغتراب الأفلاسي وغير المنتج والبنّاء، الذي اختلف عن الماضي. ويستطرد قائلا انه ليس ضد الهجرة لكن بشرط ان يبقى لدى المهاجر حبه للوطن والرغبة في العودة اليه والثقة فيهوهذا ما نفقده للأسف!.