بعد غد، تعقد الجلسة الأولى لإنتخاب رئيس الجمهورية المقبل بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وفي ظل الشغور الرئاسي الذي كانت البلاد قد دخلت فيه بعد نهاية ولاية الرئيس السابق، لكن من دون أن يظهر أي أفق لكيفية الخروج من هذه المرحلة، لا سيما أن جميع الأسماء المطروحة، حتى الآن، لا تملك القدرة على تأمين الأصوات اللازمة لانتخابها.
عملياً، بات من المتعارف عليه أن توازنات المجلس النيابي لا تسمح لأيّ فريق بإيصال مرشّحه من دون التوافق مع باقي الأفرقاء، الأمر الذي يدفع إلى وصف كل ما يحصل على مستوى الجلسات بعمليّة تقطيع الوقت، بإنتظار الوصول إلى التسوية التي تقود إلى الإتفاق على الرئيس المقبل، لكن السؤال يبقى حول التوقيت والظروف التي ستكون مرافقة لذلك.
في هذا السياق، تلفت مصادر نيابيّة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الأمور لا تزال مقفلة في الوقت الراهن، بدليل عدم بروز الجهود أو الوساطات التي من الممكن أن تقود إلى تفاهم، لا بل أن الدعوة الوحيدة إلى الحوار، التي كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينوي المضي بها، أجهضت قبل أن تُبصر النور، ما يعني أنّ الجميع لا يزال يراهن على تحوّلات من الممكن أن تصبّ في صالحه، لا سيّما على المستويين الإقليمي والدولي.
من وجهة نظر هذه المصادر، المُرجح هو ألاّ تشهد الفترة الفاصلة عن نهاية العام الحالي أي تطورات جديدة، بإستثناء الإستمرار في عقد الجلسات التي لا تقود إلى إنتخاب رئيس، بالرغم من أن بعض الأفرقاء قد يعمدون إلى رمي المزيد من الأسماء في "المحرقة"، بهدف التغطية على عجزهم في الوصول إلى قرارات حاسمة، بالإضافة إلى عدم الرغبة في تحميلهم، أمام الرأي العام المحلي أو المجتمع الدولي، المسؤولية عن التعطيل.
بناء على ما تقدم، يصبح من المنطقي الحديث عن حالة من الجمود المطلوب كسرها للوصول إلى حل، ويصبح مع مرور الوقت أصعب نتيجة الشروط والشروط المضادة التي ستُرفع، الأمر الذي سيقود في نهاية المطاف إلى الحوار الذي ينتج تسوية، لكن قبل ذلك تأتي الأسباب الموجبة، وهو ما تؤكد عليه المصادر نفسها، إنطلاقاً من معادلة أن إيصال رئيس لا يحظى بموافقة غالبية القوى لن يعالج الأزمة بل سيفاقمها.
في هذا الإطار، تُطرح في بعض الأوساط قراءة مفادها أن هناك سيناريوهين من الممكن أن يقودا إلى التسوية: الأول هو الضغوط الخارجية التي تدفع الأفرقاء المحليين إلى تقديم تنازلات منطقية، لم تظهر معالمها بشكل جدّي حتى الآن، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الظروف التي قد تقود بعض الدول المؤثرة إلى التحرك، أما الثاني فهو التطورات المحلية، سواء كانت الإقتصادية أو الإجتماعية أو الأمنية، التي تضغط على القوى اللبنانية لإطلاق عملّية البحث الجدّي عن التسوية.
على هذا الصعيد، من الضروري التوقّف عند 3 مواقف بالغة الأهميّة، صدرت في الأيام الماضية، الأول هو تحذير مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف من أن لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات بما فيها تفكك كامل للدولة، أما الثاني فهو كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن لبنان في أخطر مرحلة من تاريخه السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، بينما الثالث هو تأكيد رئيس المجلس النيابي نبيه بري من أن لبنان لا يستطيع تحمل الوضع الراهن أكثر من أسابيع.
في المحصّلة، ضمن السيناريوهين المطروحين في الأعلى، هناك سيناريو ثالث يقوم على أساس أنّ التطورات المحلّية، أيّ السيناريو الثاني، قد يقود إلى السيناريو الأول، أي التدخل الدولي، لكن مع ترجيح معادلة أنّ هذه التطورات، التي ستكون حكماً سلبيّة، لن تخرج عن الإطار المضبوط، في ظلّ الحرص الدولي على عدم الذهاب إلى الفوضى الشاملة أو المس بالإستقرار الأمني.