على الرغم من حالة الجمود التي لا تزال تسيطر على مسار الإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي أكدت عليه نتائج الجلسة النيابية الأخيرة التي عقدت يوم الخميس الماضي، تبرز مجموعة من المؤشرات التي تؤكد على وجود رغبة عند مجموعة من الأفرقاء المحليين في تسريع الإتفاق على إسم، يكون قادراً على تأمين الأصوات اللازمة لإنتخابه، عبر تسوية يجري العمل عليها على أكثر من خط.
على هذا الصعيد، قد يكون المؤشر الأبرز هو كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في بداية الأسبوع الحالي، عن أن البلاد لا تحتمل أكثر من أسابيع، الذي جاء بعد لقائه رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط، لا سيما أن الجميع يدرك أن الجانبين ينسقان مع بعضهما البعض في الملفات الكبرى.
في هذا الإطار، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن الحراك الرئاسي، الذي يعبر عن واقع مأزوم لدى مختلف القوى السياسية، لا يقتصر على هذا المؤشر، حيث تدعو إلى عدم التقليل من أهمية المواقف التي يعبر عنها حزب "القوات اللبنانية"، بالنسبة إلى إستعداده لقبول ترشيح قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون.
في الضفة المقابلة، ترى المصادر نفسها أن موقف رئيس المجلس النيابي يؤثر أيضاً على الحراك القائم على ضفة "حزب الله"-"التيار الوطني الحر"، حيث لا يزال الحزب يأمل في أن ينجح بإقناع رئيس التيار جبران باسيل بالسير في ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، على الرغم من أن باسيل كان قد أكد، في أكثر من مناسبة بعد لقائه أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، رفضه هذا الأمر، على قاعدة أن فرنجيّة قد يكون هو المرشح الأفضل، في الوقت الراهن، بالنسبة إلى الحزب.
من وجهة نظر هذه المصادر، لن يكون من السهل على "حزب الله" الإستمرار في السعي إلى إيصال رئيس تيار "المردة" إلى رئاسة الجمهورية في ظل هذه الأوضاع، خصوصاً إذا ما تزايدات الضغوط المحلية والخارجية، وتلفت في هذا السياق إلى بروز مجموعة من المواقف التي لا يمكن تجاهلها داخل تكتل "لبنان القوي"، حيث بات بعض أعضائه يعبرون صراحة عن رغبتهم في الإنتهاء من خيار الورقة البيضاء، الأمر الذي يفتح الباب لبدء البحث بالمخارج الممكنة.
بالإضافة إلى ما تقدم، تشير المصادر النيابية إلى أنه لا يمكن تجاهل الحراك الذي يقوم به البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خصوصاً بعد الموقف البارز الذي كان قد عبر عنه قبل أيام، الذي تحدث فيه عن أن لبنان يمر بأخطر مرحلة من تاريخه السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، حيث تلفت إلى أن البطريركية المارونية قادرة على لعب دور كبير، لا سيما بين القوى المسيحيّة المتخاصمة، على إعتبار أن تقريب وجهات النظر قادر على تحريك المياه الراكدة.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، كل هذه المسارات تقود إلى معادلة واضحة، هي أن غالبية الأفرقاء المحليين، بالرغم من رفضهم الإعلان عن ذلك، يدركون أن لا مفر من التسوية التي تقود إلى إنتاج حل، لكن في المقابل هناك مخاوف حقيقيّة لدى بعضهم من التطورات القائمة على المستوى الخارجي، الأمر الذي قد يدفعهم إلى التشدّد في حال إطالة أمد الأزمة، نظراً إلى أن أحداً لا يستطيع أن يتكهّن بالتداعيات التي من الممكن أن تترتّب في الفترة المقبلة، خصوصاً على صورة منطقة الشرق الأوسط.
في المحصّلة، لدى هذه المصادر قناعة بأن أفق التسوية غير مقفل بشكل كامل، لكن الآوان لم يحن بعد، الأمر الذي قد يتحرك بشكل أفضل في حال كانت هناك تسهيلات أو مساعٍ خارجية جدّية، إلا أنها تشير إلى أن غالبية الأسماء المطروحة في الوقت الراهن تواجه صعوبات كبيرة، وبالتالي ترى أن التسوية ربما تكون على إسم لم يطرح من قبل.