طوال السنوات الماضية، كانت توجه الكثير من الإنتقادات إلى أداء القاضية غادة عون، بغض النظر عما إذا كانت محقة أم لا، كان الهدف الأساسي منعها عن متابعة العمل في الملفات التي تكون بين يديها، لا سيما أن غالبية هذه الملفات من النوع "الدسم"، الذي يثير إعتراض مجموعة واسعة من القوى والشخصيات المؤثرة.
إنطلاقاً من هذا التوصيف، ينبغي قراءة ردات الفعل التي حصلت بعد تغريدتها في الأسبوع الماضي، التي استدعت تحرك رئيس المجلس النيابي نبيه بري من أجل تقديم دعوى قضائية ضدها، أمام مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، بالرغم من الخلافات المعروفة بين عون وعويدات.
سريعاً، تلقف مدعي عام التمييز هذه الورقة، حيث أدعى عويدات على عون، بجرم اثارة النعرات الطائفية والحضّ على النّزاع بين عناصر الأمّة والتّحقير والذّمّ واساءة استعمال السلطة، علماً بأن القاضية عون كانت قد تقدّمت، أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، بطلب ردّه عن النّظر في الشّكوى المقدّمة ضدّها من بري وعقيلته، بالرغم من أن هذه الهيئة لا تنعقد لبحث ملفين بارزين.
في هذا السياق، تعود مصادر مطلعة إلى ملفين أساسين هامين وخطيرين، هما ملف الإدعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وملف إنفجار مرفأ بيروت. شارحةً أن "التحقيق في ملف سلامة خُتم ووصل إلى مرحلة الادعاء على الحاكم، لكن توقف عند معضلة أساسية ابتكرها مجلس القضاء الاعلى، وهي الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي لا تنعقد بسبب اصرار رئيس المجلس سهيل عبود على وجوب أن يرأس قضاة اصيلين الغرف في محكمة التمييز".
وتلفت المصادر نفسها إلى أن "القاضية عون تقدمت، أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بطلب ردّ الملف في معضلة مشابهة لملف سلامة"، وتوضح أنه في ملف حاكم مصرف لبنان تم يومها ايقاف الملف بحجة عدم إنعقاد الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بينما اليوم تجاوز عويدات هذا الأمر وقام بالادعاء شخصيا على القاضية عون".
في هذا الاطار، تضع هذه المصادر علامات استفهام كثيرة وعديدة حول خطوة القاضي عويدات المعروف بحنكته، متسائلة "كيف فاتته هذه النقطة وما هو المبرر لها؟، فهل يعقل أن يتم ايقاف ملف المرفأ، الذي وقع فيه ضحايا، وملف سلامة، وفيه جرم اختلاس وتبييض أموال وسرقة مال عام، بينما يتم السير بالشكوى التي رفعها رئيس مجلس النواب ضد القاضية عون؟"، مضيفة: "كيف سيبرر القاضي عويدات للرأي العام اليوم إستمراره بعدم الادعاء على سلامة مثلاً، وهو تجاوز تعطيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز"، مع العلم أن إتهامها بإثارة النعرات الطائفية تطرح حولها الكثير من علامات الإستفهام، نظراً إلى أن التغريدة لم تتضمن أي شيء يمكن وضعه في هذا الإطار.