"مش عم نِسْمَعْ إلاّ نقّ، ولا في بحبوحة ولا غلال، ولمّا الشعب اللبناني بيشبع حق وحرية بتحلى العيشي بلبنان" .
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، الوضع سيء للغاية، وهذه خلاصة الأفعال الذي يرتكبها من هم في سدّة المسؤولية، ومن المهم جدًا أنْ نكون على تواصل مباشر معكم بصفتكم الراعي الأول لكل سياسي مؤتمن على الأوضاع العامة في البلاد لأنه ينتمي حتمًا إلى طائفة معينة تترأسونها وفقًا للأصول. لذلك وبعد مناقشات مطوّلة مع فريق عملي وعملاً بالنصائح التي زوّدوني بها أنْ أحاول مخاطبتكم عبر وسائل الإعلام أولاً، ومن ثمَّ إنْ كان للأمر نتيجة نوفد من المعنيين بالمفاوضات لإيجاد مخرج أو ربما لدرس مخرج أو مخارج معينة لهذا الوضع الشاذ الذي يُديره أبناء طوائفنا ومذاهبنا .
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، هذا الوضع الشاذ القائم يأخذ أشكالاً متعددة لا تقتصر فقط على الأعمال اللاشرعية من إنتهاك فاضح للدستور وللقوانين وللسيادة الوطنية وللمؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية، فتلك قصص أخرى، هناك "التضليل" المتعمّد المفروض على شعبنا، وهو في الحقيقة عملية خنق الرأي الحر الّذي يُعاني منه الكثيرون من اللبنانيين، وأدّى إلى تفشّي المناكفات وزيادة الضغوط الداخليّة داخل المجتمع اللبناني. وأنتم ساكتون عن هذا الباطل القائم .
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، الوضع الإقتصادي المترّدي الذي وصلنا إليه هو نتيجة ساسة فاشلين أهلكوا الشعب اللبناني وسرقوا ودائعه على عينك يا تاجر، وطالما إنتظر شعبنا منكم أن تعملوا مع الشرفاء على إيجاد أيّ موارد ممكنة لدعم الناس ومنها الأوقاف التي هي بتصرفكم، والأموال التي تصل إليكم على شكل هبات، وكم من مساعدة وصلتْ إلى لبنان وتبخّرت وضاعت، ولست بصدد تزكية النار على البارود ولكن للصبر حدود، وأكتفي بطرح سؤال عن المُساعدات المادّية التي وصلت من بلدان أوروبيّة وعربيّة كهبة للتربية، وحاليًا الأهــل يستصعبون تسديد الأقساط المدرسية، حقًا إنه لواقع أليم .
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، لا تتبنّوا هؤلاء السّاسة، وفي هذه المناسبة أودّ أنْ أذكركم بقصة "نابوليون والخائن"، وتقول الواقعة، أنه في إحدى المعارك تقدّم من نابوليون ضابط سرّي، وأعطاه معلومات عسكريّة تساعد القائد الفرنسي الشهير في معركته التي يقودها. وبعدما حسم نابوليون معركته مع النمساويين جاء إليه الضابط ليتقاضى ثمن المعلومات، فألقى له كيسًا من الذهب على الأرض، حينها قال الضابط النمساوي: "ولكنّي أريد أنْ أحظى بمصافحة يد الأمبراطور"، فأجابة نابوليون قائلاً: "الذهب لأمثالك، وأمّا يدي لا تصافح رجلاً يخون بلده"... ألا تستدعي هذه الواقعة التوّقف عندها لتكُّفّوا عن سماع ومصافحة وإستقبال قتلة شعبكم؟!.
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، حق الشعب المتألم أن نصارحه بواقع الأمور ونعلن مسؤوليتنا عن الجرائم التي يرتكبها أبناء طوائفنا ومذاهبنا، ولكن واجبكم وواجبنا أن نجد وإيّاكم الحلــول، ونحن أوجدناها بالدراسات التي رفعناها إلى مقاماتكم، وحاربنا لإدخالها حيِّزَ التنفيذ، وبتصحيح السياسات، وكُنا يا سادة نواجه بالكلام المعسول و"سندرسها"... إلاّ أنّ هذا لن يمنعنا من تقديم الحلول دائمًا ومن توصيف الأمور مهما بلغ سوادها، فنحن جميعًا مسؤولين وما من أحدٍ منّا معفي من الذي يحصل .
رجال الدين من مُسلمين ومسيحيين، علينا أن نجتمع لإيجاد المخارج اللائقة للأزمات المتوالدة، نجتمع معًا مُسلمين ومسيحيين فأنتم تجلسون على كراسي أمجادها، ولهذا الوطن تاريخ من الآلام وهو يُعاني من الظُلم والعفن السياسي والقمع وضعف الهيكليات السياسية والأزمات الإقتصادية، والهجــرة والتطرّف الديني والنزعة الدكتاتورية، والسلاح غير الشرعي، والنظام الأحادي المخالف للنظام الديمقراطي المنصوص عنه في مقدمة الدستور... أمام هذا الواقع علينا أن نتعاون لنسير إلى طريق الخلاص التي رسمها الرب بواسطة الرسل والأنبياء، وذلك عبر دفاعكم عن كرامة الشعب اللبناني وحقوقه الأساسية، كحرية الرأي والمعتقد والضمير، وعبر مطالبة هؤلاء القادة بالتنّحي، وربما إحالتهم إلى القضاء المختص، وبالتالي رسم نظام سياسي عادل يرتكز على الديمقراطية والمواطنة حيث نتساوى جميعًا أمام القانون مهما كان دينُنا. هل ستسمعون رسالتنا "أم ستبقون كالأطرش بالزّفي" توّدعون وتستقبلون وتُستّرون عن الباطل إستنادًا إلى سورة البقرة 42 ورسالة بطرس الأولى فصل 3 الآية 9 .