دعا السيد علي فضل الله أصحاب راية الحوار والتقريب من أتباع المسيحية والإسلام إلى العمل للحوار وبناء دولة العدالة والمؤسسات التي لا تكون فيها الغلبة لطائفة أو فئة، محذرا من التطرف الذي لا بد من مواجهته بمعالجة أسبابه، مشيرا إلى استغلال الدين من قبل الطائفيين والمتطرفين في آن، داعياً إلى رفض الجمود والعمل للتجديد الديني وكشف الطائفيين الذين لا يهمهم إلا مصالحهم.
وفي كلمة له خلال " اللقاء الاقليمي للحوار الاسلامي – المسيحي"، رأى فضل الله أن العالم يشهد انحلالاً على صعيد القيم الأخلاقية وفقداناً للعدالة وغلبة للمصالح الخاصة على المبادئ والخروج حتى على المسلمات التي قامت عليها البشرية، وما نشهده من ظواهر عنف تأخذ مرة طابعاً طائفياً وآخر مذهبياً وآخر قومياً أو عشائرياً أو بين الدول، تُحمِّل أتباع هذين الدينين وكل الرسالات السماوية مسؤولية العمل لمعالجة كل هذا الواقع المزري والمأساوي. وهذا ليس خياراً بل هو مسؤولية لأن الالتزام بالرسالات السماوية هو التزام بالأهداف التي لأجلها وجدت هذه الرسالات وعمل على ما جاء بها.
وشدد على معالجة التطرف من خلال معالجة الأسباب التي أدت إليه، والتي من الطبيعي أنها لم تنطلق من مبادئ الإسلام الدين الوسط والذي جاء رحمة للعالمين، ولا من المسيحية التي كانت لخلاص البشرية ولزرع المحبة والتسامح في النفوس، بل من سوء فهم لما جاء في هذا الدين أو ذاك أو مما أدخل إلى الدين مما ليس فيه أو لجهل بأهدافه ومبادئه أو للتخلف الذي أضعف الدين.
وأشار إلى أنه لا بد من استمرار العمل في مواجهة هذا التطرف الذي لم يعد يأخذ طابعاً إسلامياً أو مسيحياً أو يهودياً، بل بدأ يتفشى حتى في الغرب العلماني متخذاً طابع العنصرية الفجة.
وشدد على أن الطائفي يتغطى بلبوس الدين وهو غير مبالٍ بقيمه ومفاهيمه، ظاناً أن قوة دينه من قوة طائفته، لذا تراه لا يتوانى عن الوقوف مع طائفته وزعمائها، حتى لو كانت ظالمة، ويدافع عن رموزها ولو كانت فاسدة، وهو لا يعتقد أنه بذلك ينزع عن الدين قداسته الروحية والأخلاقية، ويسيء إليه من حيث يحسب أنه يخدمه، وهذا الطراز من التدين هو خصم للدين وعدو له ولكل لون من ألوان الحوار والتقارب الديني والإنساني.
وأوضح أن من المفارقات الملفتة أن الذين يتزعمون الواقع الطائفي في بلادنا كثيرون منهم لا يلتزم بالدين، ولا يعيشون روحيته ولا يتسمون بأخلاقياته، ولكنك تراهم في غاية الفصاحة حين يروجون لدينهم، إلا أنهم لا يأخذون منه إلا عناصر الخلاف النافرة من دون النظر إلى كل المعاني الإيمانية والفكرية المشتركة، ولا يلتقطون من التاريخ إلا فترات الصدام الحادة متجاهلين تاريخ العيش المشترك ومحطات التعايش المشرقة في هذا التاريخ.