في الوقت الذي كانت فيه غالبية القوى السياسية منشغلة بجلسة مجلس الوزراء، التي عقدت يوم أمس في السراي الحكومي، لا سيما أن كل التوقعات كانت تصبّ بخانة عدم القدرة على تأمينها نصابها، كان "التيار الوطني الحر" يوجّه، عبر النائب أسعد درغام، رسالة جديدة إلى "حزب الله" تتعلق بالإستحقاق الرئاسي، حيث بادر إلى إتهام الثنائي الشيعي بتعطيل جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية، معتبراً أنه يراهن على "تعبنا" لفرض مرشّحه، أي رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية.
من وجهة نظر بعض الأوساط السياسية، هذا الموقف لا يمكن أن ينفصل، خصوصاً من ناحية التوقيت، عما حصل بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء، نظراً إلى أن وزراء الحزب ساهموا في تأمين نصاب إنعقاد هذه الجلسة المرفوضة بشكل مطلق من قبل "التيار الوطني الحر"، الذي كان يعمل على إفقادها النصاب، في حين أن الحزب، بحسب المعلومات، سبق له أن قدم ضمانات، غداة إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، بمنع حصول هذا الامر.
إنطلاقاً من ذلك، تطرح هذه الأوساط، عبر "النشرة"، الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان ما حصل عمليّة تبادل رسائل بين الحزب والتيار، بحيث سعى الأول إلى الردّ، حكومياً، على موقف الثاني من ترشيح فرنجية، بينما بادر الثاني إلى التيار عبر تحميل الحزب مسؤولية ما يحصل على مستوى الإستحقاق الرئاسي، الأمر الذي يحتاج إلى متابعة أكبر في المرحلة المقبلة، لا سيما أن هناك من يتحدث عن مجموعة من السيناريوهات التي من الممكن أن تحصل.
في هذا الإطار، تشير الأوساط نفسها إلى أن الحزب، الذي سبق له أن عبر عن إمتعاضه من تصعيد التيار بوجه فرنجيّة، لا يزال حتى الآن يغلق الأبواب أمام البحث عن أيّ خيار بديل، بالرغم من أنه يكثف من دعواته إلى الحوار للإتفاق على إسم الرئيس المقبل، على قاعدة أن ليس هناك من فريق قادر على تأمين الأغلبيّة لصالح مرشحه، وهو كان يراهن على إمكانية أن يقنع باسيل بهذا الأمر، بالرغم من أن الأخير كان حاسماً في مواقفه التي عبّر عنها في أكثر من مناسبة.
من حيث المبدأ، تفيد المعطيات الراهنة بأن المعركة الرئاسيّة تقترب من الإنحصار بين مرشحين، الأول هو سليمان فرنجية، المدعوم من قبل قوى الثامن من آذار بشكل أساسي، أما الثاني فهو قائد الجيش العماد جوزاف عون، المفضّل من قبل العديد من الجهات الإقليميّة والدوليّة، في حين أن الجامع بينهما هو رفضهما من قبل "التيار الوطني الحر"، الذي لا يزال يلتزم التصويت بالورقة البيضاء، من منطلق الدعوة إلى الحوار.
بالنسبة إلى الأوساط السّياسية، ما حصل في جلسة الحكومة، خصوصاً لناحية تضامن حزب "القوات اللبنانية" مع موقف "التيار الوطني الحر"، يفتح الباب أمام إعادة طرح معادلة الحوار بين الجانبين للتفاهم على مرشّح رئاسي، خصوصاً أنّ التيار سبق له أن دعا البطريركية المارونية إلى لعب دور مؤثّر على هذا الصعيد، بالرغم من أنّ الحزب كان قد رفض إستقبال لوفد من تكتل "لبنان القوي"، في إطار الجولات التي قام بها نواب من التكتل على الكتل النيابية، لعرض ورقة الأولويات الرئاسية.
في المحصّلة، ترى الأوساط نفسها أن إستمرار الإختلاف في وجهات النظر بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، حول ترشيح فرنجيّة، يضع الإستحقاق الرئاسي أمام سيناريوهات مختلفة، أبرزها الإتفاق بين "التيار" و"القوات"، بالرغم من أن هذا الإحتمال لا يزال مستبعداً، بسبب التجربة التي رافقت إتفاق معراب بينهما في العام 2016.