لا يمكن النظر إلى تداعيات جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت أول من أمس في السراي الحكومي، بمعزل عن الإستحقاق الرئاسي، نظراً إلى أن الإعتراضات عليها، من جانب القوى المسيحيّة تحديداً، ستعزز ضرورة الإسراع في الذهاب إلى إنتخاب رئيس جديد، وهو ما كان "التيار الوطني الحر" من أبرز الداعين له، في حين أن موقف حزب "القوات اللبنانية" من هذه المسألة معروف، بالإضافة إلى مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، التي تأخذ منحنى تصاعديا بوجه من يصفهم بالمعرقلين.
في المعادلة الداخلية، من الضروري التذكير بأن "الثنائي الشيعي"، الذي لم يذهب إلى الإعلان عن تبني ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية بشكل رسمي حتى الآن، كان من المراهنين على عامل الوقت، في سياق السعي إلى تأمين الأرضية المناسبة لإنتخابه، سواء كان ذلك عن طريق إقناع "التيار الوطني الحر" بالسير به أو عن عبر بروز معطيات دولية وإقليمية تصب في صالحه، لا سيما بالنسبة إلى موقف المملكة العربية السعودية.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بعد الأزمة التي برزت، بعد جلسة مجلس الوزراء، بات من الصعب تصور التفاهم بين "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحر" على إسم فرنجية، خصوصاً أن وزراء تيار "المردة" كانوا من بين الذين ساهموا في تأمين نصاب إنعقاد الجلسة، وتلفت إلى أنّ التوتر في العلاقة بين الحزب والتيار، خصوصاً بعد المواقف التصعيديّة من جانب الأخير، لن تكون مساعدة في هذا المجال.
على صعيد متصل، بين الكتل النيابية المعارضة، هناك من يعتبر أنه من الممكن الإستثمار في هذا الخلاف، خصوصاً لناحية السعي إلى فتح قنوات إتصال، ولو بصورة غير مباشرة، مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، بهدف الإتفاق على إسم لرئاسة الجمهورية، لا سيما أن "الثنائي الشيعي" عاجز، في ظلّ هذا الخلاف، عن تأمين الأغلبيّة اللازمة لتأمين فوز مرشحه في الإستحقاق الرئاسي.
وعلى الرغم من هذا، فإنّ "الثنائي" بالتضامن مع بعض حلفائه، قادر على عرقلة جلسات إنتخاب الرئيس، بحال الوصول إلى إتفاق من هذا النوع، ترى المصادر نفسها أنه في حال كان هذا الإتفاق يشمل "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، لن يكون بمقدور "الثنائي" معارضته، على قاعدة إحترام الإجماع المسيحي، نظراً إلى التداعيات التي من الممكن أن تترتّب على ذلك، تماماً كما حصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد إتفاق معراب في العام 2016.
في المقابل، هناك من يعتبر أن هذا الواقع يعطي "الثنائي" أيضاً القدرة على الذهاب إلى خيارات بديلة بعيداً عن "التيار الوطني الحر"، منها الإتفاق مع الأفرقاء الآخرين حول كيفية مقاربة الإستحقاق الرئاسي، لكن المصادر السياسية المطلعة تشدّد على أن هذا الأمر من المستبعد أن يكون على إسم فرنجية، نظراً إلى أن غالبية القوى المعارضة تعتبر أنه من المرشحين المحسوبين على فريق واحد، بينما التسوية من المفترض أن تكون على مرشح وسطي.
بين السيناريوهين، تلفت المصادر نفسها إلى أن هناك سيناريو ثالث يقوم على معادلة الذهاب إلى معالجة الخلافات القائمة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لمنع تفاقم الأمور، لكنها تستبعد أن تكون هذه المعالجة على أساس الإتفاق على السير بترشيح رئيس تيار "المردة"، وبالتالي البحث من المفترض أن ينطلق أيضاً من عمليّة طرح الخيارات البديلة على بساط البحث، الأمر الذي كان التيار قد أبدى إستعداده لأن تكون بالتفاهم مع فرنجية.
في المحصّلة، ما لم تحصل مفاجأة، باتت مستبعدة في ظلّ المعطيات الراهنة، فإن رئيس تيار "المردة" هو من أبرز الخاسرين في المعادلات الداخليّة الجديدة التي تُرسم، الأمر الذي سينعكس على حظوظه في السباق الرئاسي.