لم تعد تنفع المرادفات والكلمات التي تصف الوضع الحالي بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وباتت الحقيقة الراسخة ان الخلاف هو الوصف الدقيق الذي لا يحمل التأويل. لا شك ان هذا الخلاف لم يقض على العلاقة بشكل تام، ولن يفض التفاهم الحاصل بين الطرفين، ولكنه سيؤدي الى بعض التغيير في التعاطي حول عدد من الامور، وسيكون هناك كلام طويل بين المسؤولين في الجانبين لاعادة توضيح بعض النقاط، ولكنها عملية لن تكون سهلة. ما يمكن قوله هو ان اساس هذه العلاقة لا يزال قائماً، اي بمعنى آخر، لن تكون هناك تشنجات على الارض وسيتم احتواء اي تفلت قد يظهر في هذا المجال، وللجانبين خبرة كافية في هذا المجال. ولكن البعض وضع الخلاف الحالي في اكثر من خانة لجهة المستفيدين، وبات كل واحد يضع المكاسب في خانة احد الاطراف، فيما الواقع يشير الى وجود مستفيد واحد من الموضوع هو قائد الجيش العماد جوزاف عون.
وتشرح مصادر متابعة هذا الامر على النحو التالي: في السياسة، لن يكون هناك اي تصدع في الرؤية السياسية، بمعنى ان التفاهم كامل وتام بين الطرفين حول الامور السياسية العامة والمواقف من العديد من المواضيع، مع احتفاظ كل منهما بخصوصيته في هذا المجال كما كان الوضع عليه سابقاً. وبالتالي، لن نرى التيار الوطني الحر في احضان معارضي حزب الله في الوجهة السياسية المعاكسة، وهذا ما يدركه ايضاً المعنيون في الطرف السياسي المناوئ لرؤية التيار والحزب.
في الامن، لن ينجرّ التيار الى اي مواجهة مع الحزب والعكس صحيح، وتوضح المصادر انه في خضم الخلاف الشديد الذي احتدم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون لم تصل الامورالى حد المواجهة الميدانية، على الرغم من اتهام التيار للحزب بتأييد بري على حساب عون وكسر صورته. وبالتالي، فإن ما حصل بالامس اخف وطأة من الذي حصل في السابق، ولن يكون هناك اي تحرك على الارض.
وينحصر الخلاف في عدد من الامور الداخلية، التي يجد التيار نفسه من دون حليفه فيها، وهذا ما يجعله يغضب، لانه يعتبر ان على الحزب الوقوف الى جانبه، وانه لا يجب على الخصوصية ان تفسد هذا الامر، خصوصاً وان الطرف الرابع المعني حالياً (اي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي) اصبح حكماً في مواجهة مع التيار واي مكسب له يضعه التيار في خانة الخسارة، ولن يحتمل خسائر اكثر من ذلك امام ميقاتي، وبالتحديد بعد ان اتهمه التيار بمحاولة السيطرة على موقع رئاسة الجمهورية.
صحيح ان الاطراف والتيارات والاحزاب الاخرى تشمت في الطرفين بسبب هذا الخلاف القائم، ولكن المستفيد الحقيقي هو العماد جوزاف عون، الذي يرى حظوظه الرئاسية تزيد يوماً بعد يوم، حتى ولو ان التيار لن يصوّت له، الا ان الخلاف مع الحزب يعني حكماً عدم الاتفاق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وبالتالي انقسام الاصوات سيعني حتماً دخول الخارج على الخط بقوة، وحسم الموضوع لجهة اعتماد التسوية التي دائماً ما يكون الجيش اللبناني مرجعيتها، اي بمعنى آخر، الوصول الى نقطة التقاء للجميع وهي قائد الجيش.
قد يخسر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل اكثر من غيره في وصول العماد عون الى سدة الرئاسة، ولكنه سيجد نفسه غير قادر على المعارضة وحيداً لهذا الخيار عندما تصل الامور الى خواتيمها، وفي ظل التعنت وتمسك كل طرف بمواقفه، مع التشديد على انه يمكن للجميع القبول بخيار قائد الجيش بعد الحصول على الضمانات اللازمة والتي لن تكون صعبة المنال.