على عكس حالة الجمود، التي كانت طاغية في الفترة الماضية، يبدو أن الإستحقاق الرئاسي يشهد نوعاً من الحراك، الذي لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت كي ينضج، لا سيما بعد الضجّة التي أحدثها إنعقاد جلسة مجلس الوزراء، من دون موافقة "التيار الوطني الحر"، الأمر الذي ترك تداعيات على العلاقة مع "حزب الله".
في هذا السياق، من الممكن الحديث عن توجهين أساسيين: الأول خارجي داعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي لا يزال يواجه رفضاً من جانب "الوطني الحر" وعدم حماسة لدى قوى الثامن من آذار، أما الثاني فهو داخلي داعم لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيّة، عماده قوى الثامن من آذار، يصطدم برفض كبير من جانب التيار، بالإضافة إلى معارضة من قبل مجموعة من الكتل النيابية المعارضة.
في هذا الإطار، تلفت مصادر نيابية إلى أنّ التوجه الأول قد يصطدم بالمزيد من العقبات، في الفترة المقبلة، متعلقة بتوازنات الحكم في العهد المقبل، خصوصاً مع عودة الحديث عن معادلة رئيس جمهورية مقابل رئيس حكومة، التي كان قد ألمح إليها وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان، الذي أشار إلى أن لبنان في طور اختيار رئاستين.
وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أنّ هذه العودة جاءت بالتزامن مع الإنفتاح السعودي على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، برعاية فرنسيّة، ما يدفع إلى السؤال عما إذا كان قائد الجيش من الممكن أن يكون الجانب الثاني في المعادلة، في حين هو يعتبر من المرشحين الوسطيين، على عكس ميقاتي المحسوب على قوى الرابع عشر من آذار.
في مقابلته التلفزيونيّة، يوم الأحد الماضي، أكد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل رفضه السير بترشيح فرنجية، بالتزامن مع حديثه عن أنّ الحزب لن يسير بأيّ خيار رئاسي من دون موافقته، الأمر الذي يدفع البعض إلى السؤال عمّا إذا كان هذا الواقع سيقود إلى الإنتقال لمرحلة البحث عن الخيارات البديلة.
على هذا الصعيد، تشير مصادر محسوبة على قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى أنّ ترك الأبواب مفتوحة من الممكن أن يقود إلى تسويات من نوع آخر، كتلك التي قد يذهب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى رعايتها بين القوى المسيحية، أو زيادة الضغوط الدولية التي تصب في صالح قائد الجيش، بالرغم من أنّ باسيل كان واضحاً أيضاً في موقفه من الأخير.
من وجهة نظر هذه المصادر، المراوحة القائمة قد تزيد من التعقيدات، حيث تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول مصلحة الحزب والتيار الإستراتيجيّة في هذا المجال، على إعتبار أن البحث عن الخيارات البديلة قد يكون السيناريو الأفضل، وترى أن هناك مجموعة من الأسماء التي من الممكن أن تطرح، وتضيف: "إسم إميل رحمة قد يكون مناسباً، حيث يتمتّع بعلاقات مميّزة مع المكونين الدرزي والسني، ولديه تواصل مع الأفرقاء المسيحيين المعارضين، ما عدا القوات اللبنانيّة، إلى جانب قربه من التيار ومختلف مكونات قوى الثامن من آذار".
في المحصّلة، على عكس الأجواء الحاليّة، حيث التركيز على أنّ المعركة محصورة بإسمين، التجارب التاريخيّة تؤكد أنّ التسوية، التي تقود إلى إنتخاب الرئيس، لا تكون بهذه الطريقة، بل هي، في لحظة الوصول إلى تفاهم حولها، تأتي لطرح إسم واحد، ينتخب رئيساً للجمهورية بموافقة غالبية الأفرقاء.