أكّدت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ«الأخبار» أن دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظته في بكركي الأحد الماضي، إلى «تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية» لقيت عدم ارتياح وانتقادات حادّة في أوساط الفاتيكان وفي عدد من الدول الغربية المعنية بلبنان، وخصوصاً فرنسا.
وبحسب المعلومات، فقد وصلت إلى بكركي نصائح فاتيكانية خصوصاً تدعو إلى الإقلاع عن هذه الدعوة، لاعتبارات كثيرة، منها أن أياً من دول العالم المعنية عادة بالشأن اللبناني غير جاهزة حالياً لمثل هذه الخطوة. غير أن الأهم في ما وصل إلى بكركي هو أن أي مسار نحو التدويل «سيكون على حساب المسيحيين في شكل أساسي». ولفتت هذه النصائح إلى «مخاطر الدعوة إلى التدويل على مسيحيي لبنان في ظل تراجعهم العددي ونسبة الهجرة المرتفعة في صفوفهم خصوصاً بعد الانهيار المالي». وذكّرت بما سمعه الراعي من البابا فرنسيس شخصياً أثناء اجتماع رؤساء الكنائس الشرقية قبل أكثر من عام بعدم تحبيذه الدعوة إلى أي أمر ليس محل إجماع بين اللبنانيين كالتدويل والحياد. وبحسب المصادر فإن الفاتيكان «حريص على الوحدة الوطنية اللبنانية والتلاقي بين المسيحيين والمسلمين، ويعتبر لبنان قبلة المسيحيين المشرقيين، وهو قادر بهذه الوحدة على ضمان بقاء من تبقّى من مسيحيين في بلاد الشام والعراق». وأشارت إلى أن أولوية الفاتيكان العاجلة اليوم هي «انتخاب الرئيس المسيحي الذي يتوافق عليه اللبنانيون»، وذلك «بعيداً من القضايا الخلافية كسلاح حزب الله... وهو يعتبر الحزب مكوّناً أساسياً على المسيحيين التلاقي معه رغم المسائل الخلافية».
وقد غابت الدعوة إلى التدويل عن بيان الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة أمس الذي رأى أن «الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني، تُعطي مزيداً من الأمل بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية». وأسف «للسجال السياسي الحاد حول اجتماع الحكومة الأخير الذي كان بالإمكان تحاشيه لو أن المسؤولين عالجوا الأمر بروية وتشاور، وبالحوار البنّاء، بعيداً من الكيد السياسي، ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصاً وروحاً»، لافتاً إلى أن «أمور المواطنين الأساسيّة يمكن معالجتها بأساليب دستوريّة شتّى، من دون انعقاد الحكومة المستقيلة، والبلاد في حال الشغور الرئاسيّ».
الفاتيكان على موقفه بعدم تحبيذ الدعوات إلى ما ليس محل إجماع لبناني كالتدويل والحياد
وفيما لا يزال الشلل السياسي مسيطراً مع ترحيل الملف الرئاسي بعد جلسة اليوم إلى السنة المقبلة، لفتت زيارة نائب مساعد وزيرِ الخارجية الأميركيّ في مكتب شؤونِ الشرق الأدنى المعني بملف سوريا وبلاد الشام إيثن غولدريتش إلى لبنان. مصادر معنية وضعت زيارة غولدريتش، وقبله زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل في إطار الاستطلاع الأميركي عن قرب لمواقف الأطراف اللبنانية وخصوصاً حزب الله في ما يتعلق بالملف الرئاسي، والمدى الذي يمكن أن يبلغه في دعمه لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية. ولفتت المصادر إلى أن جولة هيل شملت عدداً كبيراً من الأطراف اللبنانية، وقد كان مستمعاً أغلب الوقت، «وهو رغم أنه لا يتبوأ منصباً رسمياً في الإدارة الأميركية إلا أن زيارته لا يمكن أن توضع في إطار لقاءات مع معارف وأصدقاء». وأشارت إلى أن «الأميركيين لم يحزموا أمرهم نهائياً بعد في ما يتعلق بالملف اللبناني، وهم لا يزالون بين حدَّي عدم دفع الأمور إلى الانهيار، والإبقاء على الستاتيكو الحالي ريثما تنجلي الأمور».