أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن القوى الوطنية والإسلامية في لبنان، أعطت وكالة "الأونروا" "الضوء الاخضر" لبدء إجراء المسح السكاني للحالات الاجتماعية الفلسطينية الاكثر فقرا (S.H.C) مطلع العام الجديد 2023، بعد الاتفاق على القيام به كخطوة على طريق إعادة فتح برنامج "الشؤون الاجتماعية" (حالات العسر الشديد) الذي أوقف منذ سنوات طويلة إرتباطا بالميزانية المالية التي تعاني من عجز دائم.
والإتفاق على إجراء المسح ورفع عدد المنتسبين الى برنامج "الشؤون الاجتماعية" في "الأونروا"، جاء في أعقاب سلسلة من الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية التي شهدتها بعض المخيمات، وخاصة عين الحلوة لأكثر من شهر للمطالبة بضم عائلات فقيرة تعاني الجوع الى البرنامج بعدما فقدت قدرتها على العيش بكرامة في ظل الازمة المعيشية والاقتصادية اللبنانية وطول أمدها.
بينما الضوء "الاخضر الفلسطيني" جاء في إجتماع عقد بين "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" مع مدير "الأونروا" بالانابة في لبنان المهندس منير منه في مقر "الأونروا" الرئيسي في بيروت، وذلك تفاديا لوقوع أي إشكال داخل المخيمات مع الفريق الذي سيقوم بالمسح بمساعدة متخصصين قادمين من رام الله، ولقطع الطريق على إعطائه اي ابعاد سياسية أو أمنية وبما يكفل الشفافية والعدالة الإجتماعية بتوزيع المساعدات على مستحقيها من كل ابناء المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.
وابلغ أمين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان عبد المنعم عوض الذي شارك في الاجتماع "النشرة"، أن المسح سيبدأ قريباً وسينجز خلال شهر واحد، وقد أنجزت إدارة "الاونروا" كافة الاستعدادات لجهة تدريب فريق العمل وبمساعدة فريق منها من رام الله، والخطة العملية لأخذ عينات من العائلات في المخيمات والتجمعات، معتبرا ان الخطوة باتت ضرورية وملحة في ظل الفقر المدقع الذي يعاني منه أبناء المخيمات"، كاشفا أن "البرناج يضم ما نسبته 23% من أعداد اللاجئين، أي قرابة 161 عائلة فلسطينية من المسجّلين على قيود الوكالة رسميا، مؤكدا على حسن التعاون مع الفريق لانجاز مهمته المحددة سريعا، ودون تأخر لإدراج من هم الأكثر حاجة.
جملة مطالب
والى جانب المسح، طالب وفد "الهيئة" من المدير، إعادة النظر بالعقود الموقعة مع المستشفيات وزيادة قيمتها ودفع الفروقات المالية المرتفعة المترتبة على المريض. رفع نسبة الإستشفاء إلى 85% لكل المرضى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وكذلك للنازحين منهم من سوريا. رفع المبلغ الذي تقدمه "الأونروا" للإكسسوارات الطبية من 30 إلى 60% مع الأخذ بعين الإعتبار بأن الأطباء في المستشفيات تشترط على المريض دفع ثمنها "كاش" بالدولار الاميركي حصراً. توفير كافة الادوية للمرضى الفلسطنيين وخصوصاً للأمراض المستعصية كالقلب والكلى والأعصاب.
كما طلب وفد "الهيئة"، إستكمال ما تم الإتفاق عليه في اللقاءات السابقة والمتعلقة بالمدارس ومعالجة إكتظاظ الصفوف وملء الشواغر في قطاع التعليم والأقسام الأخرى من خلال فتح باب التوظيف. صرف بدل المواصلات للطلاب الذين يبعد مكان سكنهم عن المدارس بشكل دائم طوال مدة العام الدراسي. صرف المساعدات المالية بشكل شهري ودائم لكل العائلات الفلسطينية المحتاجة في لبنان، إستناداً للدراسة التي أجرتها "الأونروا" والتي أكدت بأن 93 بالمئة منهم تعاني من الفقر الشديد. الإسراع في إستكمال إعمار مخيم "نهر البارد" والتعويض على المتضررين جراء الحرب التي حصلت في المخيم، والتعويض أيضاً للمتضررين من سكان المخيم الجديد ولعائلات ضحايا "مركب الموت، والقيام بما يجب وفق مسؤوليات الوكالة لرفع المعاناة عن الفلسطينيين من خلال اعتماد خطة طوارئ شاملة توفر مقومات العيش الكريم لهم، باعتبار أن ذلك يسهم بشكل كبير بالحد من التفكير بالمقامرة والمغامرة لركوب مراكب الموت.
تجديد الولاية
وعلى وقع الضوء الاخضر، تجاوزت "الأونروا" قطوعا هاماً في ظل الازمة المالية التي تعيشها والاستهداف السياسي المتواصل من قبل "اسرائيل"، بعدما مددّت الجمعية العامة للأمم المتحدة ولايتها لثلاث سنوات تنتهي في حزيران من العام 2026، غير أن اللافت في الأمر، هو أن نسبة التصويت إنخفضت عن العام 2019، وهو لا يكفيها اذ لم يقترن بالدعم المالي.
في العام 2019 صوّتت 170 دولة على قرار التجديد، بينما في حزيران الماضي 2022 صوتت لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) للجمعية العامة للأمم المتحدة 165، وفي 12 كانون الأول الجاري أي قبل أيام، صوتت 157 دولة في الجمعية العامة على تمديد ولاية "الأونروا"، اي بتراجع متواصل في عدد المؤيدين.
وقد تفاوتت قراءة القوى الفلسطينية لهذا التراجع، بعضها اعتبر أن تجديد التفويض للوكالة، وبغض النظر عن نسب التصويت وانخفاضها عن السابق هو أمر إيجابي وخطوة بالإتجاه الصحيح، إذ عبّر أعضاء الجمعية العامة 157 عن دعمهم السياسي لها وضرورة إستمرارها في تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين حتى تطبيق القرار الدولي 194.
بينما رأت قوى أخرى، ان تراجع العدد يُعطي مؤشرا خطيرا من أن اللوبي المعادي للوكالة ينشط وبشكل فاعل في التأثير على دول مؤيّدة لإستمرار عملها في محاولة لنزع شرعيتها وتفكيكها تمهيداً لإنهاء عملها وبالتالي إنهاء قضية اللاجئين.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، انه بغض النظر عن اختلاف القراءة، فإن المطلوب من جميع القوى الفاعلة على المستوى الرسمي والشعبي الفلسطيني والعالمي المؤيّد للحقوق الحذر والتنبه، والقيام بكل ما يلزم لزيادة أعداد الدول المؤيدة للوكالة لا تراجعها، ووضع الآليات المناسبة للمزيد من حشد الدعم والمناصرة.
وتعليقا على التجديد، رحب رئيس "لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني" الدكتور باسل الحسن، بالتصويت، معتبرا أنه "يعيد التأكيد على الدعم الدولي والسياسي المطلوب لقضية اللاجئين، بما يسهل بناء ديناميات مستدامة وفعّالة، تمكن الوكالة والمنتفعين منها إلى حين تحقق الحل السياسي العادل"، قائلا أن "التصويت الساحق، يظهر التزام المجتمع الدولي بولاية أونروا وحمايتها وتعزيز مستقبلها، في ظل ظروف دولية وإقليمية صعبة".
وأشار إلى أن "الأونروا ليست مجرد وكالة إنسانية؛ بل هي للتنمية الإنسانية، وأثمن سماتها هي قدرتها على بناء رأس المال البشري للاجئي فلسطين"، داعيا كل المعنيين بقضيتها للسعي لبناء أسس تمكنها من مواجهة التحديات وشركاءها، ترتكز على الثقة والالتزام بضمان مستقبل أفضل للاجئين، ومراعاة واحترام التطلعات الوطنية للفلسطينيين، وفهم مدى أهمية الوكالة بالنسبة للفلسطينيين، باعتبارها منصة للتعبير عن طموحاتهم الوطنية".