كشفت صحيفة "الأخبار"، أنّ "في التّحقيق الّذي أجراه المحامي العام المالي القاضي جان طنوس، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في الخامس من آب 2021، والذي دار أساساً حول شركة "فوري" التي يملكها شقيقه رجا سلامة، والتي كانت السبب الأساس وراء الاشتباه في ضلوع الأخوين سلامة في عمليات اختلاس وتبييض أموال وإثراء غير مشروع، أفاد رياض سلامة بأن مهنته الوحيدة هي حاكم لمصرف لبنان، لكنه ما لبث أن كشف عن "وظائف" عديدة لا تدخل ضمن مهامه".
وأشارت إلى أنّ "سلامة أكد أنه وقّع منفرداً عقداً مع شركة "فوري"، وأن عرض الأمر على المجلس المركزي أتى نتيجة كون التعاقد المذكور يدخل في سياق السياسة النقدية لمصرف لبنان، وليس له أي طابع تجاري. غير أن هذا العقد "غير التجاري" أتاح للشركة تقاضي نسبة (عمولة) قدرها 0.375% عن العمليات المالية التي تجريها لمصلحة المصارف، وتشتمل على كل الودائع بالليرة اللبنانية (لأجل محدّد) الموجودة لدى مصرف لبنان، وكذلك بالدولار الأميركي، إضافة إلى شهادات الإيداع بالليرة أو الدولار وعمليات التبديل (سواب) دولار مقابل ليرة، كذلك على عمليات بيع سندات الخزينة وسندات اليوروبوند".
ولفتت الصّحيفة إلى أنّ "في إفادته، قال سلامة إن حقوقيَين اثنين من الدائرة القانونية نظّما العقد بعدما أعلمهما بما يقتضى ذكره فيه، وبرر عدم توقيعهما بأنهما لا يوقّعان لزاماً على جميع العقود أو الأوراق التي تعرض عليهما سواء لتنظيمها أو لأخذ الرأي حولها"، مبيّنةً أنّه "زعم أنه "لا يذكر" اسم الشخص الذي وقّع العقد معه عن شركة "فوري"، باعتبار أن "الشركة لرجا سلامة وقد وقّع ممثل الشركة العقد، وبعد ذلك وصل إليّ ووقّعته".
وذكرت أنّ "لدى سؤاله عن سبب وجود نسختين مختلفتين عن العقد إحداهما في المصرف المركزي والثانية لدى مصرف "HSBC" في سويسرا، نفى أن يكون ذلك صحيحاً، وفسّر الأمر بأن "مصرف HSBC طلب بموجب بريد الكتروني مؤرخ في 21 تموز 2015، من رجا سلامة إعادة توقيع العقد بين فوري ومصرف لبنان، وأن رجا هو من وقّع العقد بالنيابة عن الشركة"، مشيراً إلى أنه "لم يتم وضع تاريخ جديد بجانب التوقيع في عام 2015".
كمل ركّزت على أنّه "عن كون "فوري" غير مرخصة من مصرف لبنان للقيام بأعمال الوساطة المالية، برّر سلامة الأمر بأن الشركة كانت ستتقدم بطلب قيدها على لائحة شركات الوساطة المالية، وأن العقد لا ينشئ أي موجب لمصرف لبنان تجاه الشركة، لأنها تتعامل مع الغير"، موضحةً أنّ "سلامة قال في إفادته أمام طنوس إنّ مصرف لبنان لم يكن يجني عمولات أو رسوماً عن الخدمة التي كان يقدمها إلى "فوري"، غير استيفاء العمولة العائدة لها وتحويلها الى حسابها في سويسرا، وإن المجلس المركزي كان يقوم سنوياً بالتصويت على قطع حسابات المصرف المركزي، ومنها حساب العمولات. وهذا الكشف كان يبلّغ الى وزارة المالية بعد التصديق عليه، ولم يعترض أي عضو في المجلس المركزي على هذا الحساب".
وأضافت "الأخبار"، أنّ "سلامة برر العمولات المذكورة في قرارات المجلس المركزي، بأنها عمولة يسددها المصرف لمصلحة الوسطاء ولا يستوفيها هو لمصلحته من مشتري الأوراق المالية. كما نفى أن يكون قد منع شركات التدقيق المالي من الاطلاع على أوراق حساب العمولات".
وأفادت، بأنّ "خلال التحقيق مع سلامة، وجّه إليه طنوس سؤالاً حول الأموال التي قبضها المحامي ميشال تويني (ملقب بميكي تويني، وعمل -كما يعرّف عنه موقعه- مستشاراً قانونياً وعضو مجلس إدارة لعدد من المؤسسات اللبنانية كطيران الشرق الأوسط وعدد من المصارف، من بينها HSBC والبنك اللبناني للتجارة وفرنسبنك وبنك لبنان وسوريا)، من مصرف لبنان وقيمتها نحو 10 ملايين دولار، فأجاب الحاكم بأن "الأموال التي قبضها تويني من هذا الحساب لا تعود له شخصياً، بل لحساب شركة أخرى غير فوري، بعدما فشلت عملية تحويل مباشرة من مصرف لبنان الى حساب هذه الشركة في الخارج، وهو لا يذكر البلد، إنما حتماً ليس سويسرا. ولم يعلم أيضاً السبب وراء رفض المصرف الخارجي قبول التحويلين".
وفسّر سلامة، بحسب الصحيفة، أنّ "التويني محام يتم الاستعانة به من قبل مصرف لبنان، إنما لبعض الاستشارات القانونية فقط، من دون أن يتقاضى أتعاباً تذكر من مصرف لبنان لقاءها، وهو ليس أصلاً من المحامين المعتمدين من المركزي". وأورد أن "مصرف لبنان انتخب تويني عضواً في شركة طيران الشرق الأوسط، وهو يتقاضى بدلات من الشركة المذكورة لقاء عمله فيها"، مؤكّدًا أنّ "المبالغ التي يمكن أن يكون قد تقاضاها غير ذات قيمة". وأعلن "أنّه سيراجع كيفية خلق حساب في عام 2018 من ضمن ميزانية مصرف لبنان بقيمة 20 ألف مليار ليرة لبنانية، وسيبرز كل المستندات التي تثبت قانونية هذه العملية وسببها".
إلى ذلك، أشارت "الأخبار" إلى أنّ "في ما خصّ راتبه في مصرف لبنان، أفاد سلامة بأنه "يبلغ 300 ألف دولار أميركي سنويًّا، أي ما يوازي 25 ألف دولار شهرياً"، بينما سبق له أن صرّح خلال مقابلة في برنامج "صار الوقت" أن راتبه الشهري لا يتعدّى 25 مليون ليرة"، مبيّنةً أنّه "أكمل في إفادته الحديث عن حساب شخصي واحد في المركزي، مجزّأ الى خمسة أجزاء: ليرة لبنانية ودولار أميركي وجنيه استرليني وفرنك سويسري ويورو. ولفت إلى أن راتبه الشهري في شركة "ميريل لينش" في عام 1993 كان يبلغ 165 ألف دولار شهرياً (أعلن في بيان في 17 تشرين الثاني 2021 أن راتبه الشهري في الشركة هو 167 ألف دولار)، أي نحو مليوني دولار سنوياً".
وكشفت أنّ "سلامة قال إن ثروته كانت تبلغ 23 مليون دولار عند دخوله الى مصرف لبنان، وقد أودع 15 مليون دولار في حساب شقيقه رجا ليستثمرها لمصلحته، وأبقى 8 ملايين دولار في حسابات خارجية له مفتوحة، في وقت سابق لدخوله الى مصرف لبنان. وأجاب بأنه كان يستحصل على أرباح المبلغ المودع بحساب شقيقه، ويودعها في حسابه لدى مصرف لبنان بموجب شيكات. وفي عام 2019، صفّى العلاقة بينه وبين شقيقه، واستوفى حقوقه منه ونقلها الى حسابه في مصرف لبنان، مع الإشارة الى أنه يستحصل منه على نفقات من هذه الحقوق عبر الزمن، وهو على استعداد لإبراز كشف حساب يبيّن كيفية تطوّر مبلغ 15 مليون دولار عبر الزمن، بموجب عقد موقّع بينه وبين شقيقه في عام 1993".
ولفتت إلى أنّ "بموضوع التحاويل التي كانت تخرج من مصرف لبنان إلى "فوري" في سويسرا، ثم الى حسابات يملك هو حقوقها الاقتصادية، برّر سلامة الأمر بأنه "لم تُستوفَ أرباح من شركة فوري، بل كان يتم الأمر على سبيل المشاركة بين المبالغ المترتّبة له في ذمة شقيقه في بيروت وبين المبالغ المحوّلة إليه في سويسرا، بمعنى أن كل تحويل من حساب شقيقه رجا في سويسرا، سواء من الشركة أو حسابه الشخصي كان يقابله حسم من المبالغ المترتبة له في ذمة شقيقه من حساب في لبنان".
وذكرت "الأخبار" أنّه "أكد أن جميع التحويلات التي تمت من حسابه في مصرف لبنان الى حساباته الشخصية في سويسرا، مصدرها إما رواتبه في مصرف لبنان واما الحساب الذي يديره رجا سلامة لحسابه في لبنان، مشيراً الى أنه صرّح عن ثروته وفقاً لقانون الإثراء غير المشروع في لبنان عام 2000، ومن ثم بعد تعديل العام 2020 تقدّم بتصريح جديد".
وركّزت على أنّ "سلامة نفى أن تكون له علاقة بملكية المبنى المستأجر في جادة الشانزيليزيه والمستعمل كمركز طوارئ لعمليات مصرف لبنان الخارجية، وقال إن هناك قراراً من المجلس المركزي بالإبقاء عليه، ومشيرًا إلى أنه لا يتدخل بالمسار الإداري لمحاضر المجلس المركزي".