تهافت الناس بشكل كبير، قبل ارتفاع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، على شراء كلّ ما يحتاجونه، لأن ذلك حكماً سيؤثّر على الأسعار، وقطاع السيارات واحد من تلك التي تأثّرت حكماً بهذا الإرتفاع.
تسأل سامية، منذ أشهر، عن قصّة الدولار الجمركي ومتى سيرتفع، وعند إجابتها أن لا أحد يعرف الموعد، كانت تجيب بحسرة "يعني ما عاد فينا نشتري سيارة".
لا شكّ أن رفع الدولار الجمركي، الذي أكدت مصادر وزارة المالية لـ"النشرة" أنه يطال الكماليات أي السيارات والعطور مثلاً، سيصيب كلّ شيء بما فيه الطعام والثياب وغيرها من الأمور، لكن الأخطر من هذا كلّه أنه دمّر قطاع السيارات بالكامل. إذ يشير نقيب مستوردي السيارات ايلي قزي، عبر "النشرة"، إلى أن "حركة استيراد السيارات متوقفة ولا يوجد مبيع، في ظل انعدام القدرة الشرائية وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة".
لا شكّ أن أصحاب معارض السيارات يخشون من تسجيل المزيد من الإرتفاع للدولار الجمركي. فقزي يشير إلى أنه "عند رفعه الى 15 الف ليرة تبلغنا أنه سيتم تعديله صعودا وتدريجياً إلى ما فوق أكثر فأكثر من دون الاشارة الى الرقم المتوقّع، ما يعني أنه في العام 2023 لا أحد يدري ما سيكون عليه، وماذا سنفعل بالسيارات إن قمنا باستيرادها"؟.
إذاً القلق من مزيد من الارتفاع من جهة، تتظهّر الفظائع من جهة أخرى لأنّ الدولة تتكبّد الخسائر نتيجة قراراتها برفع الدولار الجمركي والـTVA في موضوع قطاع السيارات تحديداً، فكيف ذلك؟.
إذا أرادت شركة سيارات (كالمرسيدس أو بي ام...) شراء سيارات من الخارج قيمتها 10 الاف دولار، يتم دفع الدولار الجمركي والـTVA على أساس 15 الف ليرة، لكن هذه الشركة إذا أرادت اعادة بيعها لشركة أخرى، بقيمة 20 الف دولار للسيارة الواحدة، يتم احتساب دولار الفاتورة على سعر صرف 1507.5 وأيضاً الـTVA تدفع على أساس سعر الصرف القديم. ولاحقاً تستطيع الشركة أن تتقدم بطلب إسترداد الـTVA، الأمر الذي يحصل عادة، من الدولة، ويكون على الأخيرة أن تردّها على سعر السوق السوداء، ما يعني أنها وفق هذه المعادلة تتكبد خسائر كبيرة.
في هذا السياق، يؤكد خبير المحاسبة وعضو نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان ربيع داغر، لـ"النشرة"، أن "هذا الأمر يتسبب بخسارة للخزينة، مما يعني الحدّ من الايرادات التي من أجلها رُفعت الضريبة على القيمة المضافة، لتصبح على سعر الصرف في السوق السوداء".
ويرى داغر أنه "لا يجوز أن يكون هناك عدّة أسعار للصرف، إذ كيف يعقل أن يدفع المستهلك النهائي الضريبة على القيمة المضافة على 42 الف ليرة مثلاً، بينما بين شركة وأخرى تبقى على 1500 ليرة"؟!.
في المحصّلة، تتخذ الدولة قرارات عشوائيّة كجميع قراراتها وتبرّرها بزيادة الايرادات، وعند البحث في تفاصيل كل مسألة تكون النتيجة أن "هناك ايد وإجر"، فهل يعقل أن يدفع المواطن الـTVA، في حال أراد شراء سيارة، على أساس سعر السوق السوداء، بينما الشركات تبقى على أساس 1500 أو 15 ألف ليرة؟!. فمن هو حاميها؟!.