نص مهدى إلى القيادات اللبنانية وإلى مؤسسة الجيش الجامعة لكلّ اللبنانيين بقيادة الجنرال جوزاف عون في زمنٍ أكثر من معقّد وصعب ويتطلّب الحكمة.
يعاني اللبنانيون من مرحلة طالت وهي ثقيلة وقاسية جداً جدّاً تتجاوز حتى تاريخ استعمار لبنان يشعرون فيها وكأنّ هناك من سحب أموالهم من مصارفهم ومن جيوبهم ويسحب كراماتهم وحقوقهم في الحياة والكرامة الإنسانية لكنهم ما زالوا واقفين مؤمنين بوطنهم ومتأهبين كما ضبّاط الجيش وأفراده من القاعدة الواسعة إلى القمّة للنشيد الوطني اللبناني. عاش لبنان.
يكفي استفتاء لبنان واللبنانيين اليوم وببساطة وعفوية لنلمس مدى الحاجة القصوى الملحاح لرئيس نفتح له الأبواب والفرص الواسعة كي يعاد ضبط البيت الداخلي وترتيبه بالتعاون مع كلّ الفرقاء والزعماء والمواطنين لصون بقعةٍ صغيرة في هذا الشرق حرام حرام أن تبقى مبعثرة هكذا بين الداخل السياسي المتشظّي والخارج الواسع المصالح والمشغول بالتطلعات والحروب ووطننا ينزل السلالم كلّ يوم حتّى بلغنا قعر الـ...قعر وبات معظم شاباتنا وشبابنا خارج لبنان.
قال لي ضابط صديق: "لماذا عندما أخرج بلباسي العسكري أو بلباسي المدني في الشوارع والساحات في لبنان أشعر وكأنني أنتقل لا في وطن واحد ولا بين وطنين أو أوطان بل بين الوطن والغابة". ليس أبلغ من هذا التوصيف حيث الوطن يضيق والغابة تتوسّع والحفاظ على كلّ شبرٍ وذرّة كرامة من لبنان وفيه واجب وطني بل مقدّس.
ما أن استوينا أمام المستشرق الفرنسي جاك بيرك في مدارج الكوليج دو فرنس في محاضرته الأولى حتى باشر: قال أرسطو وتابع رابطاً بينه وبين الأسكندر(نعم قال أرسطو منذ 3000 سنة وهو مستمر كما الإسكندر القائد قولاً وفعلاً حتى يتثاءب التاريخ. إنّه واجب تاريخي داخلي لأهل السياسة وللنخب والمفكرين والإعلاميين في لبنان. آن لنا أن نترجّل...
نعم وصلنا الى قاعٍ لا قرار فيه إلاّ معظم رجال السياسة وممثليهم برشّ نزاعاتهم وأملاحهم الحارة حبةً حبةّ ومصيبة بعد مصيبة وكارثة بعد كارثة فوق بقايا رعاياهم بفقرهم وكأنّ هؤلاء ولدوا ويجب دفنهم هائمين في حفرة صار إسمها لبنان.
نقرأ أو نسمع أو نتابع السياسيين، بعض السياسيين، ينتقدون ويتناولون استحقاق الرئاسة عندمت يطرح أحدهم على تماس مباشر أو غير مباشر بقائد المؤسسة العسكرية. وأكاد أجزم ويجزم معي كلّ عاقلٍ وموضوعي أنّها المؤسسة الوحيدة الموحدة الكبرى الباقية في تضاعيف هذا الوطن وأرجائه لتجمع كلّ مكونات هذا الوطن وتنوعاته وفق قسمٍ واحد وتمايز واحد لقائده المسكون بوحدة هذه المؤسسة والحفاظ على هيبتها وكرامة أبنائها وكرامة لبنان. وهنا فاتتني ملاحظة يجب تدوينها :
"لم أعرف قائد الجيش الحالي الجنرال جوزاف عون ولم ألتقه، قدّم لي التعازي بأخي المرحوم راجح الخوري بالهاتف مشكوراً، لكنني أُتابع وأستمع برصانةٍ لطالباتي وطلابي وطلباتهم وأحلامهم في أحرام الجامعات والمنتديات).
تخفّ حدّة الإنتقادات أو تشتدّ تبعاً لظروف سياسية وإجتماعية لا وطنية بالطبع نسمعها من بعض السياسيين فلا نفهم بداياتها ولا نهاياتها ونفهم مراميها. لبنان مريض ومعتل وفقد صورته الزاهية حضرات الرؤوساء والنواب والزعماء.
آن لنا أن ترتاح!.
الى أين تأخذوننا بأطروحاتكم المتعددة وخطبكم المتنافرة وانتظاراتكم المملة ونحن معكم ونتابعكم ونلهث وراءكم لكننا كما أنتم فقدنا التكامل وروح المسؤوليات والوطن في القعر منذ زمان، وكلّ ذلك أمام صمت مطبق من المجتمع العسكري الذي يُمثل روح وطننا لبنان Média state الذي أسمّيه وقد أسميته قارة هائلة الإعلاميات والإعلاميين والسياسيين وكلّهم غارقون في بحور ومحيطات من برامج الإعلام والسياسات حتى اختناق الوطن والمواطنين ودهشة الإقليم ودول العالم التي كان وطننا يساوي التنفّس ملْ العقل والرئتين.
أرى في التصريحات شحناً في النفوس غير علمي وغير مبرر ولا يستقيم في التحليل الوطني، يُفصح عن توجّسات ناعمة ليست ظاهراً ولا مفهومة لدى المواطنين كلّ ما له علاقة بالزي العسكري مع أنّه من مستلزمات إظهار السلطة الوطنية العامة في الدنيا، تماماً كما الزي الديني من مستلزمات سلطات رجال الدين وهم يطلون علينا واعظين في الهياكل والجوامع والحسينيات، ومن مستلزمات السلطات القضائية والقانونية في قصور العدل، من مستلزمات" السلطات" التربوية أيضاً في أثناء إلقائنا المحاضرات ومنح شهادات الدكتوراه العالية لطالباتنا وطلاّبنا في الجامعات وحتّى في المدارس اللبنانية. لكلّ سلطة لباسها.
أتساءل ربّما في سرّي: لماذا تنحنون وأنتم تصافحون السلطات الدينية، أو يتعقبون أهل السلطة القضائية والجامعية من أجل إطلاق موقوف أو إنجاح طالب أو تسجيله فوق كلّ القوانين في جامعة ما، و"يتبرغث" بعضكم في دعم الجيش وفيه الضابط والإنضباط بمعنى النظام والترتيب فيتناولونه مباشرة بالسياسة أو بشكل غير مباشرفي الأحاديث وفي وسائل الإعلام وهذا ظلم وتعدٍّ لا يسلم كلّ ما ينتسب إليه؟.
لماذا هذا الصراع التاريخي بين الصمت العسكري الكثير الذي عشناه ونعيشه مع قيادة العماد جوزاف عون والكلام السياسي والإعلامي الكثير الكثير في توقعات وترشيحات وآراءٍ هي ليست من صلب الوجدان الديمقراطي والوطني؟.
ما هذا الإرتجال المزعج وعدم قدرتنا القدرة على الفكاك بين البصمات العسكرية والبصمات السياسية في تاريخ لبنان الرئاسي؟.
لماذا يرتجل بعض سياسيينا بالتناوب الزي الأخضر بينما ينادي كل اللبنانيين مرتدينه بـ: "يا وطن" وهي، كما يبدو بوضوح، مناداة صادقة وعفوية من أفراد الشعب اللبناني لا يجوز التغاضي عن مدلولاتها الغنية وعدم التعمير الوطني في مدماكها من أدنى المراتب والمواقع إلى أعلاها . الحس الشعبي العفوي غالباً ما يُفصح ولربّما يتجاوز الحس السياسي الذي يكاد لا يقيم له وزناً في لبنان لأنّ المصالح الخاًة لا االعامة تشلّه وتؤذيه.