يشعر اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أنهم مهددون بمصيرهم، محاصرون بفقرهم ولقمة عيشهم، وقد رُحّلت الأزمات التي أرّقتهم العام 2022 إلى الحالي، في وقت دقّت فيه وكالة "الاونروا" ناقوس الخطر من نقص التمويل المالي وأطلقت نداء للطوارئ للعام 2023 في 19 كانون الثاني الجاري، مؤكدة اننا بحاجة الى نحو 780 مليون دولار.
ويكتسب النداء هذا العام أهمّية خاصة كونه يأتي في ظل إستمرار الحرب الروسية–الأوكرانية، حيث تحول الإهتمام الدولي إلى تلبية تداعياتها الانسانية والاغاثية وفق الاولوية القصوى وسط تراجع الاهتمام بالأخرى مع ارتفاع الاسعار عالميا، وكون "الاونروا" قد رحّلت عجزاً مالياً قدره 80 مليون دولارا من العام الماضي وهو الأكبر منذ عشرات السنوات التي مضت.
والنداء الذي أطلقه مدراء "الاونروا" في لبنان منير منة، والأردن أولاف بيكر، وسوريا أمانيا مايكل إيبيي، قالوا فيه "بصفتنا مديري شؤون الأونروا في سوريا ولبنان والأردن، فإننا نقدم هذا النداء الطارئ لعام 2023 الذي يحدّد الحد الأدنى من المساعدة المطلوبة للتخفيف من أسوأ آثار التدهور السريع في الحالة الإنسانية لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الضعفاء في المنطقة"، مؤكدين الحاجة لمبلغ 780.3 مليون دولار لسنة 2023 لتغطية المساعدات الطارئة لـ1,979,750 لاجئ فلسطيني هم "الأكثر حاجة" في مناطق عملياتها الخمسة.
ووفق نداء "الأونروا"، يحتاج 301,400 لاجئ فلسطيني في لبنان إلى 160 مليون دولار، و420 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا إلى 247,2 مليون دولار، و20,000 لاجئ فلسطيني في الأردن إلى 28,8 مليون دولار، و1,2 مليون لاجئ فلسطيني في غزة إلى 311,4 مليون دولار، و38,350 لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة ويشمل شرق القدس إلى 32,9 مليون دولار.
وتعتبر مسألة التمويل إحدى أهم العقبات التي واجهتها "الاونروا" منذ سنوات مع تراجع مساهمات الداعمين والدول المانحة، وفي ظل الشعور الفلسطيني المتزايد ان السبب سياسي بهدف إنهاء عملها في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، وهذا ما دفع:
-الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الى القول "بينما تتطلب الحرب في أوكرانيا اهتماما دولياً، يجب على المجتمع الدولي أيضا أن يعمل على معالجة الأزمات العالمية الأخرى بما في ذلك القضية الفلسطينية".
-المفوض العام للوكالة فيليب لارازيني الّذي لفت إلى أن "الحملات المنسقة لنزع الشرعية عن الأونروا بهدف تقويض حقوق لاجئي فلسطين تتزايد في وتيرتها وعدوانيتها. إن التزامي الأساسي هو ضمان استمرار وصول لاجئي فلسطين إلى خدمات عالية الجودة، وحماية حقوقهم وحقوق الموظفين، معتبرا أنّه لا بديل عن "أونروا" التيتُعانيمنأكبردينفيتاريخها"، وفي الوقت نفسه "إنّهلابديلعن "أونروا" حتى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين.
-المستشارالإعلامي للوكالة الذي أوضح أن العام الحالي 2023 سيكون الأصعب على عمل "الأونروا"، مشيرا الى أنّ هذا التقدير يأتي في ظل التحديات التي تواجه الدول المانحة جراء استمرار الأزمة الأوكرانية وغلاء الأسعار حول العالم، قائلا أنّه ولأوّل مرّة في تاريخ عمل "أونروا" ينتهي عام 2022 بعجز مالي وصل إلى 80 مليون دولار حيث تم ترحيلهم للعام الجديد 2023، لاسيما وأنّ الأزمة الأوكرانية مستمرة وغلاء الأسعار عالمياً مازال مستمراً.
دعوات فلسطينية
بالمقابل، دعت القوى الفلسطينية الدول المانحة إلى الاستجابة السريعة لنداء الطوارئ التي أطلقته وكالة "الأونروا" لتوفير مبلغ 780.3 مليون دولار كي تستطيع أن تقدم خدماتها الطارئة في أقاليمها الخمسة حيث تحديات العيش الكريم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في 58 مخيماً وانتشارهم فيما يزيد عن 200 تجمع وارتفاع نسبة الفقر في أوساط اللاجئين لا سيما في لبنان، حيث وصل حسب دراسة للأونروا في تشرين الثاني من العام 2022 إلى 93%.
اللجان الشعبية
وأكد أمين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية" في لبنان عبد المنعم عوض لـ"النشرة"، "اننا مع هذا النداء قلبا وقالبا"، داعيا "الدول المانحة بالاستجابة سريعا لنداء "الأونروا" والدول التي اتخذت قرارات بتخفيض أو حتى بوقف مساهماتها المالية التراجع فورا"، قائلا "إنه أقل الواجب تجاه الشعب الفلسطيني اللاجئ منذ سبعة عقود ونيف"، مضيفا "ان القضية الفلسطينية سياسية بامتياز والمجتمع الدولي مطالب بأن يضغط على إسرائيل لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وتوفير حياة كريمة لأبناء الشعب الفلسطيني ريثما تتم العودة".
واعتبر عوض ان معاناة الشعب الفلسطيني في لبنان مضاعفة في ظل الأزمة المعيشية المركبة والمعقدة سياسيا واقتصاديا وفي ظل حرمانه من حقوقه المدنية والاجتماعية، وارتفاع نسبة الفقر المدقع والبطالة والحاجة الى اعادة فتح برنامج الشؤون الاجتماعية–حالات العسر الشديد ورفع أعداده".
الهيئة 302
وأوضح مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الباحث علي هويدي "لا نريد لتجربة تمديد تفويض عمل "الأونروا" السابقة أن تتكرر، ففي العام 2019 حصلت الوكالة على دعم معنوي وسياسي استراتيجي ومن قبل 165 دولة واليوم تحصل على تصويت 157 دولة، ولكن "الأونروا" اليوم تواجه عجزا بين 50 و80 مليون دولار. عملية التكيف بين تقديم الخدمات والأموال التي تحصل عليها الوكالة بات تحدياً صعبا جدا، وإذا استمر على هذا النحو سيتحمل المجتمع الدولي حالة اللا استقرار في المنطقة، ومحاولات استغلال الشباب للقيام بأمور تخالف عاداتنا وتقاليدنا من سلوكيات اجتماعية مرفوضة أو الانجرار إلى قضايا أمنية"، معتبرا ان استمرار عمل وكالة "الأونروا" لـ 73 سنة يعتبر فشل ذريع للأمم المتحدة، التي تعجز حتى الآن عن تطبيق القرارات التي أنشأتها نتيجة سياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة لا سيما القرار 194 لسنة 1948.