كأنّ كل الأزمات التي يعيشها اللبناني وتؤرقه في حياته اليومية لا تكفي، بل بات لزاما عليه أن يصلي ليل نهار كي لا يمرض ويدخل المستشفى، ليس فقط بسبب التكاليف الباهظة بالدولار "الفريش" بل لأن المطلوب ان يحضرالدواء معه، وهو بأغلب الاوقات غير موجود في الصيدليات. وكانت نقابة الصيادلة رفعت الصوت الاسبوع الماضي من خلال إقفال تحذيري دام 4 ساعات، وهي تضغط لإيجاد الحلول،والدواء المتوفّر المهرّب أو المزوّر وغير الصالح يغزو الاسواق ويُباع بأسعار خياليّة ويفاقم المشاكل الصحّية بدل أن يشفي المرضى. لا رقابة ولا من يحزنون، لا على السعر ولا على جودة ونوعية الدواء، وما يزيد المسألة تعقيدا أن الحلول غير موجودة ولا متاحة ولا بد من قرارات استثنائية تاريحية لإنقاذ المرضى!.
أما عن توقف الصيدليات عن العمل 4 ساعات،أوضح الهدف منه نقيب الصيادلة جو سلوم عبر "النشرة" قائلا:"انها صرخة باسم كل مريض لا يتمكن من الحصول على دوائه الجيّد، والّذي يضطرّ لشراء المزور وتتفاقم حالته.الصرخة كانت لتتسلّم الصيدليات الدواء. وهذا همّنا الوحيد، انها صرخة في وجه الدواء المزوّر والمهرّب الذي يغزو السوق اللبناني، الأمر الذي يؤدّي لإقفال الشركات والمكاتب العلميّة الجيّدة، التي تراقب الدواء في الأسواق والتي أعطت طابع لبنان المميّز، وهذا الأمر يساهم في انهيار القطاع الصحي،وبالتالي كان هذا التوقف لأننا اكثر مجموعة تسمع لأنّها الأقرب الى المريض.نحن نعتبر صرختنا بالنّيابة عن كل القطاعات الصحية شاملة المستشفيات التي تقفل أقسامها.
وكشف سلوم "عن تحركات مشتركة في مرحلة لاحقة لأنه ان لم يحصل الضغط الشعبي لتبدأ مسيرة الإنقاذ بعد ان أصبحنا في قعر الهاوية لن يتغير أيّ شيء".
من جهته نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون أوضح انه "ان مستشفيات لبنان لا تشتري الدواء المهرّب انّما من الوكلاء بصورة قانونيّة ومن المفترض ان تكون الأدوية الاصلية"، لافتا الى أسباب عدة لانقطاع الدواء اهمها انه سعر صرف الدولارلمخافة الوكيلمن ارتفاع المؤشّر المؤشر وفي اليوم التالي يكون قد باع الادوية على السعر المنخفض،اضافة الى أنالمصانع في الخارج لا تسلم الوكلاء في لبنان بكميّات كبيرة بسبب البلبلة والفوضى السائدة في البلد.
أما الحلول فهي برأي هارون غير موجودة طالما ان الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية على ما هي عليه اليوم.
الصيدلانية كريستيان موسى شرحت لـ"النشرة"عن وجود كميات من الأدوية التركية تدخل الى لبنان عبر منصّات الكترونية وبعض الصيدليات تبيعها بشكل غير شرعي على سعر صرف سوق السوداء بسبب غياب الرقابة والتفتيش خصوصا للادوية غير المتوفّرة. ورأت ان الإضراب بالأساس ليس فقط بسبب الادوية المهربة والمزوّرة بل لأن بسبب تذبذب سعر الدولار الّذي يجعل الشركات تتمهّل بالتسليم اضافة الى أن وزارة الصحة تتأخر في اصدار مؤشر الاسعار. ونحن الصيادلة لا يمكننا البيع بالخسارة حيث يتآكل رأس المال مع كل صعود او هبوط للعملة الخضراء.وتضيف أن الوضع سيء بالنسبة للصيدلي لأنه في تماس مباشر مع الناس يتحمّل غضبهم وصراخهم والسخط والشتائم طوال النهار،وخلصت كريستيان موسى "أنا أؤيد الأقفال العام للصيدليات لكن لا يمكننافعل ذلكمع جود حالات طارئة بشكل دائم.
النائب السابق الدكتور اسماعيل سكرية اعتبر عبر "النشرة"أن لا وجود لحلٍّ جذريٍّ للموضوع ورأى "ان ما وصلنا اليه هو بسبب الصمت والسكوت عن كل التجاوزات والمرتكبات في قطاع الدواء،حيث التراكمات الكبيرة جدا منذ اكثر من 20 سنة، تحدثت عنها مرارا وتكرارا في الاعلام وأمام النواب في المجلس النيابي. وفي دول اخرى كان لهذه المعلومات ان تسقط حكومات.
ولفت د.سكرية الذي حمل ملف الدواء لسنوات،انه لطالما المختبر المركزي الّذي يعتبر صمام الأمان لجودة الدواء غير موجود لأن هناك مافيا سياسية في البلد تمنع وجوده فالدواء لن يكون متوفّرا والمواطن ليس باستطاعته دفع ثمنه اذا وجد.
وأردف د.اسماعيل سكرية "يلزمنا اليوم قرارات استثنائيّة تاريخيّة يمكن لوزير الصحة وحكومة تصريف الأعمال العمل لتحييد القطاع الصحي لأن الصحّة أولويّة،والناس يموتون اذا لم يتناولوا ادويتهم او يتابعون علاجاتهم. وقال، يمكن اليوم وضع خطة لـ6 اشهر لشراء الدواء من دولة الى دولة، او لطلب تبرعات او هبات،ووضع لائحة اساسية للأدوية أسوة بكل الدول،ويمكن الاستفادة من المختبرات الجامعيّة، ودعا لتفعيل المختبر المركزي طالما القانون المتعلّق به موجود والموظفين كذلك،لضبط السوق في وجه التهريب ودراسة اكثر للأدوية المدعومة.