إطلاق "الأونروا" نداءين متواليين، الأول للموازنة العامة من المفوّض العام لازاريني وناشد فيه التبرّع بـ1,6 مليار دولار أميركي للبرامج والعمليات معا تلبية لاحتياجات اللاجئين الفلسطينيين، والثاني للطوارئ من مدراء "الأونروا" في لبنان منير منة، والأردن أولاف بيكر، وسوريا أمانيا مايكل إيبيي، لم يمضيا دون ضجيج واستياء أبناء مخيمات لبنان، الذين اعتبروا أنها لم تراعِ جميع احتياجاتهم بل حدّها الادنى، في ظل الفقر والغلاء جراء الازمة المعيشية اللبنانية والركود العالمي.
وعددت قوى فلسطينية سلسلة ملاحظات جوهرية على إطلاق الموازنة بشقيها العام والطارئ، رغم أهمّية التزام الوكالة بالسعي الحثيث لتأمينها، وقالت لـ النشرة":
1-الزيادة لا تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي، الذي يئنّون تحت وطأته اللاجئون في المخيمات منذ سنوات، سيما وان العام الحالي يحمل مؤشّرات غلاء واكلاف المعيشة بشكل غير مسبوق نتيجة استمرار الانهيار الاقتصادي اللبناني من جهة والغلاء وارتفاع الاسعار من جهة أخرى، بينما بقيت الموازنة العامّة تراوح مكانها، والثبات على نفس المبلغ المتكرر على امتداد الأعوام الماضية دون الأخذ بعين الإعتبار الإحتياجات المعيشية والحياتية المتزايدة الناتجة عن الضغوط الخارجية والأوضاع الإقتصادية في الدول المضيفة.
ورغم بقاء الموازنة على حالها، ترى القوى الفلسطينية ان مبلغ 1.6 مليار دولار اميركي (820 مليون دولار لموازنة البرامج العادية، أي للخدمات الأساسية التي تشمل الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية و780 لموازنة برامج الطوارئ في مناطق عملياتها الخمسة)، ان التحدي الاكبر الذي يواجه الادارة هو نجاحها في توفيره بعيدا عن التخفيض المحتمل على الخدمات، خاصة وأن الأونروا بدأت العام 2023 بموازنة منقوصة 70 مليون دولار هو قيمة العجز المرحل من عام 2022.
2-طريقة اعلان الموازنة هذا العام بخلاف السابق، وسط تساؤلات عن أسبابها هل هي تقنية–فنية أم مقصودة، فبعدما اختلفت عن السابق حيث كانت تعلن قيمة المبلغ بشكل موحّد، قدّمت هذه المرة الاعلان بموازنة الطوارئ الخاصة بلبنان، سوريا والاردن، والاراضي الفلسطينية المحتلة، وموازنة البرامج العادية، التي ليست هناك تأكيدات من "الاونروا" انها قادرة على جمع قيمتها دون الوقوع في عجز مالي سيتم ترحيله الى اعوام قادمة، او ستضطر الى الاستدانة من منظمات اخرى تابعة للأمم المتحدة، كما يحصل كل عام في مسألة رواتب الموظفين التي تزيد سنويا عن 600 مليون دولار.
واعتبر مسؤول "دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية" فتحي كليب: أن الجانب الأهم بالنسبة للاجئين الفلسطينيين هو توفير المبلغ المرصود وان تتمكن من اقناع الدول المانحة بـ"أن الاستثمار في وكالة الغوث هو أيضا استثمار في استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.. وفي الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للاجئي فلسطين وتعزيز أهداف التنمية المستدامة"، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
وشهدت موازنة الطوارئ المخصصة للمساعدة الإنسانية الطارئة للمتضررين من النزاعات والاحتلال والأزمات المتكررة في المنطقة زيادة بسيطة (9 مليون دولار فقط)، وبلغت هذه الموازنة للعام 2023 حوالي 780 مليون دولار أميركي (344 مليون للأراضي الفلسطينية المحتلة و436 للمناطق المتبقية)، مقارنة مع موازنة العام 2022 والتي بلغت 771 مليون دولار: 406 مليون دولار للمساعدات الطارئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة و365 مليون دولار كمساعدات طارئة للاجئين في سوريا، الأردن ولبنان.
وأكد كليب ان نداء الطوارئ من قبل مدارء الأونروا في أقاليم سوريا، لبنان والاردن "يعتبر الحد الأدنى من المساعدة المطلوبة للتخفيف من الآثار الأسوأ للتدهور السريع في الوضع الإنساني لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينين"، وان الاحتياجات الفعلية قد زادت بشكل مضاعف عن الأعوام السابقة بفعل عدة تحديات مستجدة، بينما لم تشهد موازنة الاونروا زيادة فعلية تنسجم مع الزيادة الطبيعية للسكان اولا ومع تحديات الاقتصادية والمعيشية، ما جعل مجتمعات اللاجئين في مختلف تجمعاتهم تعيش ازمة فعلية تنذر بتداعيات على اكثر من مستوى.
بينما شدد المدير العام لـ"الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" الكاتب علي هويدي "ان نداء الموازنة العامة وقيمتها 1.6 بليون دولار لم تراعي جميع احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة (الضفة الغربية بما فيها شرق القدس المحتلة وسوريا والأردن ولبنان وغزة)، مشيرا الى ان ميزانية العام 2023 هي نفسها التي أعلن عنها لسنة 2022 وكانت 1.6 بليون دولار وهذا غير موضوعي، على اعتبار أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين قد تزايدت، ومعها الحاجات من جهة، ومن جهة أخرى فإن مبلغ 70 مليون دولار تم ترحيلها من سنة 2022 الى سنة 2023 على شكل ديْن على الوكالة سداده من الميزانية.
وبين الملاحظات، انطلقت شرارة التحركات الاحتجاجية للعام الجاري استكمالا لتحركات العام الماضي ونظم الحراك الفلسطيني الموحد في عين الحلوة إعتصاماً امام مكتب الشؤون والاغاثة بجانب مستشفى النداء الإنساني في المخيم، لمطالبة "الأونروا" بفتح ملف الشؤون وبتقديم إغاثة مالية شهرية لجميع العائلات المحتاجة، حيث أكد عضو الحراك ابراهيم ميعاري أن "الحراك سلمي بعدنا تلقينا منذ شهرين وعود من مدير قسم شؤون الاونروا في لبنان في فادي فارس بصرف مساعدات عاجلة للاجئين الفلسطينيين والقيام بعملية مسح شامل لقسم الشؤون للعائلات لمعرفة ظروفها ودراسة اوضاعها كما كانت هناك وعود لإدراج بعض العائلات التي تستحق ضمن العسر الشديد لكننا لا نرى للأسف الشديد الا هروب واضح من القيام بدورهم ووعودهم.