في بداية الأسبوع الماضي، كانت الكثير من علامات الإستفهام تطرح حول مصير العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، مع ترجيح الذهاب إلى إطلاق مسار جديد من الحوار، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع باسيل مع وفد من الحزب، سيما أن المواقف التي تلت اللقاء أوحت بالإيجابية، لكن ما أعلنه رئيس التيار، يوم الأحد، أكد أن الأمور مستمرة بالمسار السابق، أي التصعيد الذي قد يقود إلى الإفتراق، بسبب الخلاف حول الإستحقاق الرئاسي.
في هذا السياق، ما ينبغي التوقف عنده هو أن مواقف باسيل المستجدة جاءت بعد تسريب قوى الثامن من آذار معلومات عن إمكانية السير بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، من دون موافقة الكتلتين المسيحيتين الأكبر، أي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، في حال نجح بتأمين 65 صوتاً داعماً له، وبالتالي هو كان يريد، بشكل أساسي، قطع الطريق أمام هذا الخيار، بالرغم من أنه يتطلب مجموعة من المعطيات التي لا تزال غير متوفرة، عبر طرح شعار "لوحدنا" الذي يؤكد أن كل الخيارات أمامه مفتوحة.
وتلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن نجاح سيناريو إنتخاب فرنجية بـ65 صوتاً يتطلب أمرين أساسيين: الأول هو تغطية الكتلتين المسيحيتين له عبر تأمين النصاب، الذي يتطلب حضور 86 نائباً لجلسة الإنتخاب، أما الثاني فهو إقناع رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بدعم هذا الخيار، على أن يتم بعد ذلك العمل على توفير دعم عدد من النواب السنة والمسيحيين الآخرين له، الأمر الذي، على ما يبدو، لا يزال بعيداً عن التوفر، بحسب ما توحي مواقف جنبلاط.
على هذا الصعيد، تتوقف المصادر نفسها عند معطى أساسي، يتمثل بإعلان رئيس "الاشتراكي" مجموعة من الأسماء التي طرحها على "حزب الله"، أي الوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزاف عون، حيث تشير إلى أن هذا الإعلان، بالتزامن مع إستمرار الخلاف بين الحزب والتيار، يوحي بأن هناك أمراً ما يحصل بين جنبلاط وباسيل، لا سيما أن بين الأسماء التي طرحها يبرز إسم أزعور، الذي يوافق عليه الثاني، في حين أن رئيس التيار كان قد غازل رئيس "الاشتراكي" في كلمته، إنطلاقاً من رفضه تجاوز المكون المسيحي.
منذ بداية البحث الجدي في الإستحقاق الرئاسي، كان من الواضح أن باسيل يطمح إلى إسقاط كل من فرنجية وعون من المعركة، وهو ما تأكد من خلال التصويب الذي عاد إليه، الأحد، لا سيما بعد أن رفع السقف بوجه قائد الجيش، على إعتبار أنه بالتزامن مع تقدم أوراق رئيس "المردة" في مكان ما، فإن أوراق عون كانت تتقدم بمكان آخر، إلا أن التركيز، في المرحلة الراهنة، يبدو أنه سيكون على قائد الجيش بشكل أساسي، طالما أن ظروف فرنجية لا تزال أصعب.
من وجهة نظر المصادر السياسية المتابعة، فإن شعار "لوحدنا" بات ينتظر "من يلاقينا"، على قاعدة أن الأبواب عند "التيار الوطني الحر" مفتوحة على كافة الإحتمالات، وهو ما أشار إليه باسيل عبر الحديث عن أن التيار "مستعد لعقد تفاهم جديد ليس مع الحزب وحسب، إنما مع أي مكون جديد تحت عنوان بناء الدولة"، وترى أن هذا الأمر هو الذي سيكون موضع متابعة في الفترة المقبلة، نظراً إلى أنه يؤثر على كافة الخيارات المطروحة.
في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أنه، في الوقت الذي لا تزال فيه معالم الحراك الخارجي غير واضحة، فإن غالبية الأفرقاء الداخليين يسعون إلى تحسين أوراق قوتهم، الأمر الذي سيتمظهر بشكل أكبر في المرحلة المقبلة، وقد يكون الشارع، المضبوط، إحدى الأدوات المستخدمة في هذا المجال.