فتح الصراع القضائي في قضية مرفأ بيروت الباب على مصراعيه على ما يحصل في القضاء اللبناني وفي مجلس القضاء الاعلى تحديداً، لم يفهم اللبنانيون ماذا يحصل فعلياً. في أقلّ من أسبوع عاد قاضٍ معتكف منذ أكثر من 13 شهرا الى مزاولة مهامه واتخذ سلسلة قرارات أولها اطلاق سراح موقوفين والادعاء على آخرين، فما كان من قاض آخر متنحٍّ عن الملف إلا أن أطلق سراح جميع الموقوفين في الملف... فعلياً إنها "عصفورية"!.
تشير مصادر مطلعة الى أن "ما يحصل اليوم في القضاء اللبناني هو نتيجة ما زرعه احد المسؤولين القضائيين البارزين، زرع ريح المحاصصة وها هو اليوم يحصد نتائجها".
تعود المصادر الى قضية التشكيلات القضائيّة والتي كانت بداخلها تشكّل منظومة متكاملة من مختلف القوى السياسية الحاكمة في البلد، يومها رفضت وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم توقيعها وجمّدتها وعلّلت قرار التجميد بأن "المحاصصة" واضحة في التشكيلات، واليوم نحن أمام مأزق حقيقي نتيجته أن ليس لدينا مجلس قضاء أعلى منزّه عن المصالح.
"بلحظة تغيّر فيها قرار ما، فانفجرت التركيبة داخل مجلس القضاء الأعلى بوجه نفسها وزادت على جريمة انفجار مرفأ بيروت ضحايا". هكذا تختصر المصادر المشهد، لافتة الى أنّ "هذا الأمر كبّد الأهالي وجعاً اضافياً عندما إنفجرت التركيبة وقد يكون حراكها ربما مصالح الخارج سواء بموضوع مرفأ بيروت أو التحقيقات الأوروبية في الاتهام الموجه الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في قضية الاختلاس وتبييض الأموال".
"لا شكّ أن مجلس القضاء الأعلى يتحمّل مسؤولية هرب منها في قضية انفجار مرفأ بيروت". هذه هي ببساطة الصورة بحسب المصادر، معتبرة أن "من كان موقوفا ظلماً من حقّه الإفراج عنه، ولكن هناك حقيقة انفجار المرفأ التي لا تزال محتجزة ومن يريد أن تبقى فعليا محتجزة".
تؤكد المصادر أن لا أحد يستطيع تفسير ما حصل في القضاء الأسبوع الماضي سواء لناحية قرارات المحقّق العدلي طارق البيطار أو النائب العام التمييزي غسان عويدات أو حتى رئيس مجلس القضاء الأعلى، ولكن ربما السلوك الّذي تظهّر بالطريقة التي حصلت بشكلها تمهيدا لاقفال ملف المرفأ.
والأهمّ بحسب المصادر أنه يجب معرفة حقيقة من أدخل النيترات الى لبنان ومرفأ بيروت، ومن فجّر ومن قتل، بالمختصر هناك جريمة كبرى وجب معرفة حقيقتها.
إذاً، السلوك القضائي ضبابي بشكل كبير، وما حصل "فضيحة" كبرى لم نعرف بعد هل هي للاطاحة بالتحقيقات أم لا. ولكن يبقى الأهمّ هو الإصرار على الاستمرار بالتحقيق وصولا الى جلاء الحقيقة ومحاسبة المرتكبين أياً علا شأنهم، فدولة في ظلّ قضاء عادل ومحترم يبقى القانون فوق الجميع وليس مكسر عصا للمصالح، وهو أفضل بكثير من قضاء يعطّله السياسيون لغاية في نفس يعقوب.