عندما اجتمع المجلس المركزي لمصرف لبنان منذ 10 أيام تقريباً، أكّد حاكم المصرف رياض سلامة أنه لن يتدخل في السوق ما لم يتم توقيف المضاربين في السوق السوداء، وهو نفس الأمر الذي كان أبلغه سلامة الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير المالية يوسف خليل خلال اللقاء معهما، وكان للحاكم ما أراده، وهو ما أثار تساؤلات حول قيامه بالمساهمة بتوقيف من يتعامل معهم يومياً، فما الذي جرى؟.
السبت عصراً بدأت الحملة الأمنيّة باتجاه الصيارفة بعد انتشار أكثر من تقرير إعلامي حول الأسماء وطريقة العمل داخل "غروبات الواتساب" أو ما يُعرف بعالم السوق السوداء "مركزيات" الدولار في بيروت والمناطق، وبحسب مصادر متابعة فإنّ التقارير بأغلبها اعتمدت على مواد مسرّبة من مركزيّة العاصمة أو سوق العاصمة، وهي المجموعة الخطيرة التي يعتمد العاملون فيها على سوق الكشف، أيّ بيع وشراء الدولار المؤجّل، وهو السبب الأساسي الذي دفع رياض سلامة للتحرك ضد الصيارفة الذين يستفيد منهم شخصياً عبر جمع الدولارات من السوق لصالحه.
تكشف المصادر عبر "النشرة" أن الصراّف ع. ح، والذي هو الصراف الأقوى في لبنان حالياً بسبب ارتباطه مباشرة بالمركزي وهو الذي تولى جمع حوالي 20 مليون دولار لصالحه يوميا، والذي سلّم نفسه لفرع المعلومات يوم أمس الاحد ظهراً، كان يُرسل معلومات حول ما يجري في "سوق العاصمة" الى الاطراف التي سهّلت دخوله الى العمل، والتي كانت الرابط الأساسي بينه وبين المصرف المركزي، فقامت الاخيرة بتسريبها الى المقربين من سلامة، الذين بدورهم سرّبوها الى اعلاميين وصحافيين لبناء تقاريرهم عليها، وهو الأمر الذي حرّك الضابطة العدلية لتوقيفهم تباعاً.
إنّ هذا التسريب أشعل غضب تجار السوق السوداء الذين بحسب مصادر "النشرة" صبّوا جام غضبهم على ع. ح، فأخرجوه من بعض المجموعات الأساسيّة ووصل بهم الأمر الى تهديده، معتبرين أنه سبب الحملة الأمنيّة عليهم، لكن ما لا يعرفوه بحسب المصادر هو أنّ الجهة الأساسية التي تقف خلف ما يجري هي مصرف لبنان، الجهّة نفسها التي كانت تشتري الدولارات من تجار السوق السوداء، لأنّه ضاق ذرعاً بتصرفات بعض المضاربين.
تشدّد المصادر على أن خطة المركزي هي ضرب سوق العاصمة العاملة بنظام الكشف، لأنّ بعض العاملين فيها تخطّوا الخطوط الحمر مؤخّراً وساهموا بضرب خطّة رياض سلامة لسعر صرف الدولار، فكانوا يرفعونه بطريقة جنونيّة لتحقيق أرباح إضافيّة، مشيرة الى أن ما جرى اليوم كان يُفترض حصوله منذ أشهر عندما بدأ هؤلاء بالتلاعب بسعر الصرف لصالح الارباح السريعة والكبيرة.
ترى المصادر أنّ سعر الصرف لم يكن ليرتفع بهذه السرعة الكبيرة، أيّ بحدود 20 ألفاً خلال 25 يوماً، لو لم يُضارب بعض هؤلاء الصيارفة على الليرة، معتبرة أن الحاكم يُريد استرجاع السيطرة على السوق، ولم لا باستبدال فريق العمل في السوق السوداء بأشخاص آخرين لهم نفس المهمّة وهي جمع الدولارات له، لكن دون القيام بمضاربات كتلك التي كانت تحصل مؤخراً.
سلّم صيارفة أنفسهم لفرع المعلومات، مثل ع. ن، وع. ح، وقامت الاجهزة بتوقيف غيرهم، كما توارى البعض عن الأنظار كأحد الكبار في منطقة الغبيري، وهذه الخضّة سبّبت زلزالاً بالسوق، إذ توقّفت كل المجموعات عن العمل، ولم يُعرف مصير عمليّات الكشف المؤجّلة، وهي التي يلتزم العاملون فيها بتسديد ما عليهم مقابلها، لذلك بحسب المصادر، قد يلجأ هؤلاء الى عملية "القطع"، أيّ تسوية العمليّات المؤجّلة بسعر الصرف الحالي، الا أنّ الاكيد هو أنّ الخسائر التي وقعت وستقع ستسبب الافلاس لكثير من الصيارفة الذين جمعوا الأموال طيلة الفترة الماضية.