عاشت منطقة الشرق الأوسط ليلاً مظلماً سوداوياً نتيجة الزلزال المدّمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود السورية، وأسفر عن سقوط مئات الضحايا في تركيا وسوريا. زلزال بلغت قوّته 7.8 درجات على عمق 17.9 كيلومترا بالقرب من مدينة غازي عنتاب التركية.
الزلزال الذي يعدّ الأقوى منذ عشرات السنين، تحدثت المعلومات الواردة عن 78 هزّة ارتدادية أعقبته، ولبنان كان له حصّة نتيجة هزّة أرضيّة حصلت في البحر بينه وقبرص قوتها 4.8 درجات على مقياس ريختر وشعر بها سكان لبنان، بالاضافة الى بعض الهزات الارتداديّة أقل حدّة.
لحظات رعب
وكأن لا يكفي اللبناني ما يمر به لتضاف الى مصائبه مصيبة هزّة أرضية شعر بها أغلب السكان، الناس نتيجة الهلع نزلوا الى الشوارع وهم لا يعرفون ماذا حدث فعلاً... يروي سامي لحظات الرعب التي عاشها وعائلته وهو يسكن في الطابق التاسع في احد المباني، ويشير الى ان "المبنى "رقص" بنا ولم نعرف ما اذا كانت هزّة أرضيّة فقط، لأنّ مدتها كانت طويلة والخوف كان أن يحدث زلزالا، من هنا هرعنا الى مكان حيث لا مبانٍ محيطة به في المنطقة رغم الطقس شديد البرودة والامطار.
فالق المشرق
إنتهت لحظات الرعب التي عاشها سامي واللبنانيون، ولكن ماذا لو تكرّرت الهزّة الأرضية مرّة أخرى. هنا تشير مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء الدكتورة مارلين البراكس عبر "النشرة" الى أن "الذي ضرب تركيا وقع على بعد 350 كلم من البلد وعلى فالق يمرّ بلبنان ويمتدّ من البحر الأحمر الى تركيا ويسمى فالق المشرق، المنطقة التي إنكسر فيها الزلزال موجودة في تركيا ولو إنكسر في مكان أقرب لنا لكانت آثاره على لبنان أكبر بكثير".
"فالق المشرق تحرّك بهذه القوّة آخر مرّة في العام 1202". هذا ما تؤكده البراكس، شارحة أنّه "تاريخيا ضرب بهزات مدمّرة وكنا نتوقع حدوث مثل هذه الهزة الكبيرة أو زلزال ولكن لا نعرف متى كان سيحدث"، لافتة الى أنه "بعد ان انكسر الفالق في تركيا وحصل الزلزال هناك، سنشعر في لبنان بهزات ارتدادية وستبقى في الايام المقبلة ولكن وتيرتها ستنخفض، وحتما لن تكون بحجم التي شعرنا بها فجر اليوم".
بدوره الخبير في ادارة الكوارث جبران قرنعوني يشدد عبر "النشرة" على ضرورة أن تقوم البلديات بإجراءات معينة عبر الكشف على المباني للتأكد من سلامتها، التي يُمكن أن تكون تأثرت أو تصدّعت نتيجة الهزّة، مضيفا: "الوقاية في هذه الأوقات ضروريّة أولاً لمن لديهم الأطفال أو الكبار في السنّ كما يجب الابتعاد عن الخزائن وإذا كانوا متواجدين في الفراش يجب تغطية الرأس بالوسادة".
ارشادات وقائية
أما بخصوص الارشادات، يشير قرنعوني الى أنه "يجب اللجوء الى اقفال قوارير الغاز في المنزل فوراً، واذا طالت، لا بدّ من فصل الكهرباء عن المنزل لأنه يمكن أن يؤدّي ذلك الى حصول احتكاك كهربائي قد يتطور الى حريق، في الوقت نفسه يجب عدم اضاءة الشموع بل استعمال المصباح الكهربائي اليدوي".
كذلك يلفت قرنعوني الى أنه "يجب الاختباء تحت الطاولة أو ببيت الدرج أو في زوايا الأعمدة القويّة في المبنى، والأهمّ الابتعاد عن الواجهات الزجاجية، التي يُمكن أن تتحطّم وتؤدي الى اضرار وخسائر في الأرواح حتماً".
تلى الزلزال الذي ضرب تركيا هزّات ارضيّة ارتداديّة شعر بها سكان لبنان، وكان قد اشار الباحث في معهد الابحاث لرصد الهندسة بين الاجرام السماويّة ذات الصلة بالنشاط الزلزالي فرانك هوغربيتس عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي في الثالث من شباط الماضي، الى انه عاجلا أم آجلا سيحدث زلزال بقوة 7.5 درجة مئوية في هذه المنطقة (جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان)، شارحا أن "الهزّات الارتداديّة تستمر لفترة من الوقت بعد حدوث زلزال كبير".