تعيش منطقة البحر المتوسط واقعاً مختلفاً عما قبل السادس من شباط، تاريخ حدوث الزلزال المدمّر الذي أودى بحياة الالاف من الأشخاص في تركيا وسوريا، وعلى أثر ذلك اهتزّت منطقة الشرق الأوسط برمتها نتيجة تحرّك الفوالق جميعها، وعاش الناس توتراً نتيجة الأخبار والإشاعات عن خطر حدوث زلزال جديد، خصوصاً في لبنان الذي عاش سكّانه حالة رعب شديد نتيجة الهزّات الارتدادية بعد الزلزال في مدينة هاتاي التركية.
منطقة الاسكندرون معقّدة جيولوجياً ويمر فيها أكثر من فالقين،يتداخلان مع بعضهما البعض، لذا نرى هناك حركة هزّات مفهومة، وحجم الفالق الذي تحرّك وقوّة الضغط الكبيرة جداً، وكلما كبرت قوّة الزلزال كلما كانت المساحة على الفالق أكبر والقسم الذي لم يتحرّك يتفاعل بمجموعة هزّات ارتداديّة، هذه كلها حصلت بعد الزلزال الذي ضرب مدينة هاتاي.
وينقل الخبير الجيولوجي طوني نمر، عن نظيره في جامعة اسكندرون زيادين شاكير، إن "بيانات الأقمار الاصطناعية، التابعة لهيئة المعلومات الجغرافيّة اليابانيّة، تشير إلى أنّ الفالق الشمالي لخليج الاسكندرون قد تحرّك بسبب زلزال 6 شباط في تركيا"... فماذا يعني ذلك؟.
يشرح نمر، عبر "النشرة"، أنه "منذ الأسبوع الأول للزلزال أكّد أنه يراقب السلسلة البحريّة، وتحرك الفالق الشمالي لخليج الاسكندرون، ممايعني أن جزءاً من الحركة الزلزاليّة أثّر على امتداد فالق الشمال القبرصي البحري، وهذا قد يريح الضغوطات على فالق سلسلة اللّاذقية البحريّة بين لبنان وقبرص، ويظهر معي أنّ الأمور هي في الإتجاه الجيّد وليس السلبي أبداً"، لافتاًإلى أنه "بالمختصر عاد الوضع اليوم إلى ما قبل السادس من شباط، وبالتالي كأن الزلزال لم يحصل أصلاً".
"الهزات الارتداديّة في البحر ستستمرّ". هذا ما يؤكّده نمر، شارحاً أنها "كانت تحدث أساسا ولن تتوقّف، ولكنّنا نسير اليوم نحو إتجاه أفضل بكثير"، مطالبًابوجوب "أن نتأقلم مع فكرة أننا نعيش في منطقة تقع على فوالق زلزالية، وتغليب الوعي وعدم الذعر والخوف، لأن لا أحد يمكنهمعرفةوقتحصول الزلزال. فمنذ أكثر من 500 عام حصل زلزال مشابه لما جرى في تركيا مؤخراً، بينما طيلة السنوات والقرون الماضية عاش سكان تلك المنطقة بهدوء ويجب أن نعود هكذا".
طبعاً الصفائح تحرّكت جميعها، والمفهوم أن ما مرّ على سكان المنطقة العربية ليس أبداً بالسهل، خصوصاً وأن هؤلاء عاشوا حروباً وأزمات واليوم يعيشون الزلازل والهزّات الأرضية، لكن ما يجب فهمه بشكل جيّد، من قبل اللبنانيين خصوصاً، أن الواقع الجيولوجي وتأثير تحرك فالق الاسكندرون على امتداد فالق الشمال القبرصي البحري، أراح الضغوطات على فالق سلسلة اللّاذقية البحرية بين لبنان وقبرص، وبالتالي عدنا إلى ما قبل وقوع زلزلزال 6 شباط وهذا أمر جيّد!.
إذا، على اللبنانيين عدم الأخذ بالشائعات وعلم الغيب الّذي بات يؤرق لياليهم بشكل يومي، مع الكمّ الهائل من مدّعي ومنتحلي صفة خبير وعالم يظهرون على الشاشات يوميًا، وهم لا يعلمون ما هو الواقع الحقيقي ولا يستندون الى أي دراسات او مقاربات تاريخية!.