يمرّ لبنان بأزمة حقيقية اليوم نتيجة إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ولكن المفارقة الكبرى أن هذا السعر إرتفع من 40 الف ليرة مطلع عام 2023 وصولاً الى 90 ألف ليرة في أوائل آذار قبل رفع مصرف لبنان لسعر صيرفة الى 70 ألف ليرة وإصدار تعميم شراء العملة الوطنية على هذا السعر.
هذا المشهد تزامن مع رفع وزير المالية سعر الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة الى 45 ألف ليرة دفعة واحدة بحجة زيادة ايرادات الدولة وتمويل رواتب القطاع العام، فبات للدولار أسعار تشوّه الحالة الماليّة ولكل فصل سعره: الجمركي 45 الف ليرة، السوق السوداء 80 ألف ليرة، في المصارف 15 ألف ليرة، بالمقابل تُدفع الفواتير على منصّة صيرفة والأسعار لدى التجّار تدفع على سعر السوق السوداء... هنا يبقى السؤال الى أين يتجه سعر صرف الدولار مقابل الليرة؟!.
"فعلياً ارتفاع سعر الصرف مرتبط بأكثر من عنصر وأولها الطلب عليه". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي أنيس أبو دياب، لافتاً الى أن "الطلب كبير ولا يزال موجودا، خاصة أن حجم الاستيراد إرتفع الى 19 مليار دولار في العام 2022 بعد أن كان 11 مليارا في العام 2021، وهذا يعزز مقولة أن لبنان يستورد لدولتين"، شارحاً أن "الطلب على الدولار يعزز إنخفاض قيمة العملة الوطنية".
يشير أنيس أبو دياب الى أن "العامل الثاني لانهيار الليرة هو غياب الثقة نتيجة عدم وضوح الرؤية السّياسية، كما أن إضراب القطاع العام أثر طبعاً لأنّه وبنتيجته تتقلّص الايرادات، وبالتالي يجب إيجاد طريقة لدفع رواتب القطاع العام التي تبلغ 26 مليار ليرة، وذلك بحسب موازنة العام 2022 وعلى مصرف لبنان تأمين هذا المبلغ، الّذي جعله يطبع العملة". أما الخبير الاقتصادي لويس حبيقة فيعتبر أن "المشهد الحالي هو الفوضى حيث لا يُمكن للإنسان أن يطمئنّ، وحتى نتحدث عن تحسّن الوضع يجب أن نتجه الى سعر صرف واحد"، مشيراً الى أن "السعر الحرّ هو الأفضل حالياً".
"الدولار الى ارتفاع هذا أمر طبيعي نظراً للوضع الراهن". هذا ما يؤكده لويس حبيقة، مشيرا الى أنه "في الفترة السابقة كان يرتفع وينخفض الدولار ما بين 500 و1000 ليرة، حالياً اختلف الموضوع نسبة للوضع فيرتفع وينخفض من 5000 الى 10000 ليرة"، معتبرا أن "المشكلة هي ما يجري على الساحة المحلّية". أما أنيس أبو دياب فيرى أن "ارتفاع الدولار بشهرين حوالي 50 الف ليرة يأتي نتيجة غياب عامل الثقة"، مشددا على أن "كلّما بقي الجوّ على ما هو عليه فنحن ذاهبون الى إنهيار أكثر".
لا شكّ أن إنهيار العملة سيؤدّي حتماً الى مزيد من التشقّقات والتصدّعات الماليّة في البلاد وإنتشار للفقر بشكل أكبر مما هو عليه اليوم... ليبقى المشهد باختصار "الليرة اللبنانية تُذلّ" وهناك من يعمل على إذلالها وإذلال الشعب اللبناني أكثر، وبعبارة أخرى العملة الوطنية "بحالة كوما" لأنّ المسؤولين في حالة من اللاوعي!.