لم تلق زيارة المفوض العام لوكالة "الاونروا" فيليب لازاريني الى لبنان منذ أيام قليلة، الاهتمام السياسي والشعبي الفلسطيني، جاءت باهتة رغم توقيتها الهام عقب زيارته الرسمية إلى القاهرة في الفترة ما بين 7-8 آذار، حيث التقى بمسؤولين مصريين وعرب، وشارك في الجلسة الافتتاحية للاجتماع التاسع والخمسين بعد المئة لمجلس وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية، مجددا دعوته لدعم الوكالة.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن جملة أسباب جعلت زيارة لازاريني إلى لبنان باهتة الى حد عدم الاهتمام:
-التطورات الأمنية المتسارعة في مخيم عين الحلوة، في أعقاب مقتل العنصر في حركة فتح" محمود زبيدات ومطالبة الحركة تسليم المتهم بإطلاق النار خالد علاء الدين وحصول إستنفارات عسكرية متبادلة، دفعت مؤسسات "الأونروا" إلى اقفال مؤسساتها منذ الأول من الجاري، ما فاقم معاناة اللاجئين في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، قبل أن تقدم بدائل أخرى بعد أيام لجهة الاستفادة من خدماتها الطبية للحالات الطارئة.
-قناعة كثير من القوى الفلسطينية بتقصير ادارة "الاونروا" في التعاطي الجدي مع تداعيات الازمة المعيشية اللبنانية على واقع اللاجئين في المخيمات وخاصة مع طول أمدها، حيث لم تعلن حالة الطوارئ الاغاثية لتخفيف معاناة ابنائها، مثلما فعلت في زمن جائحة "كورونا".
-اتهام بعض القوى الفلسطينية ومنها "دائرة اللاجئين والاونروا" في "الجبهة الديمقراطية" الوكالة بعدم القيام بواجباتها، اذ انها قادرة على لعب دور هام لجهة التواصل مع منظمات اقليمية ودولية مختلفة ومع مانحين غير تقليديين لتأمين مساعدات اغاثية توفر الحد الأدنى من الاحتياجات الحياتية والمعيشية، خاصة، في مؤشر على تعاطيها السلبي مع الازمة اللبنانية وتداعياتها على اللاجئين الفلسطينيين واعتماد سياسة التمييز بين من يستحق ومن لا يستحق، على غرار المساعدة النقديّة التي تقدمها بشكل دوري وتوسيع دائرتها لتشمل الجميع، وصياغة استراتيجيات اغاثية بخلفيّة تقارير ومواقف مسؤوليها الذين يؤكّدون يوميا ان غالبية اللاجئين هم بحاجة للدعم والمساعدة.
واشارت المصادر، ان زيارة المفوض لازاريني لم تأتِ بأيّ جديد ينتظره اللاجئون لتحسين الخدمات والتقديمات، ولولا لقائه سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور بحضور مديرة شؤون الوكالة في لبنان دوروثي كلاوس، وتعميم الخبر وسط تأكيد على تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليّاته الكفيلة بحشد الموارد المالية لوكالة "الاونروا" لتغطية الحاجات الملحة، لما كان سمع أحد بها، لا سيّما وانها لم تشمل اي لقاء مع القوى الفلسطينية كالعادة، او القيام بأيّ زيارة ميدانية الى المخيمات، بعد أن تسلمتكلاوس مهامها مؤخرا ولم تفعل ذلك أيضا باستثناء لقاء تعارفي مع ممثلي "هيئة العمل المشترك" الفلسطيني في لبنان شرحت فيه رؤية للعمل في لبنان.
بالمقابل، أوضحت مصادر في "الاونروا" أن زيارة لازاريني كان هدفها محددا في وضع المسؤولين المعنيين في نتائج زيارته إلى القاهرة، التي التقى خلالها بالأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصريّة اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، مؤكّدا على الدور المحوري للدعم المصري والعربي لدعم لاجئي فلسطين والأونروا، في الوقت الذي تصارع فيه الوكالة بعضا من أكبر تحدياتها السياسية والمالية في كافة الأوقات.
وأمام مجلس وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية، قال لازاريني أن حقوق ورفاه لاجئي فلسطين هي مسؤولية جماعية، إلى أن يتم التوصل إلى حلّ عادل ودائم لمحنتهم. ودعا الدول الأعضاء، وخاصة تلك التي لها تقليد وباع طويل من التضامن والدعم للاجئي فلسطين، إلى الاستمرار في القيام بذلك للاستمرار في تقديم خدمات الأونروا التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات الحيوية في أرجاء المنطقة. وأضاف "إن الكرم العربي الطويل الأمد غالبا ما تجاوز الخلافات السياسية وساهم في واحدة من أنجح قصص التنمية البشرية في المنطقة. وإنني آمل حقا أن يظل هذا هو الحال في هذا العام وما بعده، إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي يتضمن وضع حد لمحنة لاجئي فلسطين".
يذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت تأسيس الأونروا عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانيّة والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الخمسة (الضفة الغربية، والتي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا، إلى أن يتم التوصل إلى حلّ عادل ودائم لمحنتهم. وبعد مرور ما يقارب خمسة وسبعين عاما، لا يزال عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب ما حصل في عام 1948 نازحين وبحاجة إلى دعم.