منذ أن فتحت المحامية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب في تشرين الأول الفائت ملفّ مغارة الفساد المسمّاة النافعة على مصراعيه، ومراكز هيئة إدارة السير ومصلحة تسجيل السيارات في الدكوانه والأوزاعي وجونية مقفلة بسبب توقيف الأكثرية الساحقة من المدراء ورؤساء المصالح والموظفين.
منذ تشرين الأول الفائت وحتى اليوم، لم يمرّ يوم من دون أن تستدعي شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي موظفاً من موظّفي النافعة تربطه علاقة رشوة برئيسة هيئة إدارة السير الموقوفة هدى سلوم، أو برئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور، أو بأحد السماسرة ومعقبي المعاملات الموقوفين، ومن دون أن تعطي القاضية الخطيب إشارة بتوقيف موظّفين جدد من النافعة عدد الأشخاص الموقوفين في هذا المرفق العام الى حوالى 140 شخصاً.
على رغم حملة التطهير القضائي هذه، هناك عنصر في قوى الأمن الداخلي قرّر أن يستغلّ موقع خدمته بهدف تحقيق أرباح ماليّة غير مشروعة قائمة على الرشوة وصرف النفوذ، الأمر الذي دفع من تبقى خارج السجن من موظفي النافعة الى وصفه بـ"الإنتحاري".
فبعد توقيف سلوم وعبد الغفور، كلّف وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي محافظ بيروت القاضي مروان عبود برئاسة هيئة إدارة السير والعقيد في قوى الأمن الداخلي علي طه برئاسة مصلحة تسجيل السيارات. ومنذ حملة التوقيفات التي بدأت في تشرين الأول الفائت، لم ينجح عبود وطه بفتح المركز المذكور لأكثر من 10 أيام فقط في بداية العام 2023 قبل أن يعلن من تبقى من موظفين فيها الإضراب المفتوح مطالبين بمستحقّاتهم الماليّة التي لم يحصلوا عليها منذ أشهر.
تخيّلوا أن خلال هذه الفترة القصيرة التي فتحت فيها النافعة أبوابها، حاول عنصر في قوى الأمن الداخلي يخدم كمرافق للعقيد طه أن يستغلّ منصبه وقربه من العقيد، لتمرير معاملات لمواطنين مقابل رشاوى ماليّة تقاضاها منهم. لم يمرّ الكثير من الوقت على قيام العنصر المذكور بما قام به من مخالفات حتى كشف طه وشعبة المعلومات أمره، وتمّ تحويله على المجلس التأديبي والنّيابة العامة لنيله العقوبة اللازمة، وذلك بعد فصله من عمله كمرافق للعقيد طه ونقله الى موقع آخر.
فعلاً هو "إنتحاري" وقح من الدرجة الأولى، قرّر أن يلعب بالنار في عزّ الحريق وفي وقت لا تزال فيه العيون الأمنيّة والقضائيّة مفتوحة على النافعة.
هو "إنتحاري" ووقح من الدرجة الأولى لأنّه يعرف تماماً مدى نظافة كفّ العقيد طه المشهود له في قوى الأمن، وعلى رغم معرفته هذه حاول أن يستغل قربه منه لتقاضي الرشاوى، كلّ ذلك من دون أن يأخذ بعين الإعتبار أنّ طه لن يغطّيه ولن يحميه بل سيذهب في إتجاه محاسبته مسلكياً وملاحقته قضائياً فور معرفته بالجرائم التي يرتكبها كصرف النفوذ وتقاضي الرشاوى وغيرها.