يختلف شهر رمضان هذا العام عن السنوات السابقة فهو يأتي على وقع إنهيار إقتصادي كبير نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار من جهة واستغلال التجّار لهذا الأمر لجني الأرباح الطائلة من جهة اخرى، وكلّ ذلك ينعكس على المواطن الذي بات مرغماً على التقشّف، الّذي حتماً سينعكس على مائدة الافطار في رمضان التي اعتاد الصائمون "البذخ" عليها.
في الماضي كانت المائدة تحمل عدداً كبيراً من الأصناف بدءا من "الشوربة" الى "الفتوش" و"المقالي"، إضافة الى أكثر من طبق أساسي يليه الحلويات وبأصناف عديدة مع المشروبات كالجلاب وغيرها... أمّا اليوم فتكلفة هذه المائدة أصبحت "باهظة"!.
أسعار الخضار سترتفع بشكل كبير في رمضان كالخسّ، البندورة... هذا ما يؤكده "الشيف" عماد العراوي، لافتا الى أن "العنوان الأبرز لهذا العام نتيجة الغلاء سيكون التخفيف من الأصناف التي سيتم تحضيرها مع التأكيد أنّ عددا كبيرا من الأفضل تحضيرها في المنزل عوضا عن شرائها من المطعم لأنّ كلفتها ستكون مرتفعة جدا كالفتوش".
فلنعد الى الطبق الأساسي وهو مثلا الدجاج مع الأرز. هنا يلفت الشيف عماد الى أن كلفة تحضيره في المنزل لأربعة أشخاص تبلغ تقريباً مليون ليرة، اضافة الى الفتوش لأربعة أشخاص 250 الف ليرة وجلاب أو "قمر الدين" 100 الف ليرة لـ4 أشخاص، كاشفا أن "العائلة المؤلفة من 4 أشخاص تحتاج الى ما بين مليونين الى ثلاثة ملايين ليرة لتحضير مائدة أصنافها قليلة".
جرت العادة أن يقوم الصائمون عند الافطار بتناول وفق الترتيب المعروف بالبدء بما هو سائل يليه الفتوش والجلاّب مثلا قبل تناول الطبق الرئيسي. هنا يعتبر الشيف عماد أن ليس من الجيّد تناول 3 أصناف في البداية لأنّ هذا غير صحّي، مشيراً الى أنه "جرت العادة بتناول التمر مع "الجلاب" أو "قمر الدين" مع "الشوربة" و"الفتوش" حيث نخلط بين البارد والساخن وهذا لا يجوز، لذا الأفضل الغاء اثنين والبدء بالفتوش مع الجلاب وهذا كافٍ".
ولكن عندما يتحدّث أحدهم عن الأسعار يأتي الجواب بأنّها ترتفع في شهر رمضان كثيراً، ويشير الشيف عماد الى أنّ "التجار هم أشخاص يعملون على المناسبة وبغياب حماية المستهلك التاجر يتحكّم بالسلعة ويرفع الأسعار كما يريد".
وعندما تذهب الى جمعيّة حماية المستهلك لتسأل عن الجولات والشكاوى، يأتيك الجواب المفاجئ من رئيس الجمعية زهير برو. "لا أحد يتابع أيّ شيء"، وعندما تتساءل كيف أنّ وزارة الاقتصاد تصدر تقارير عن متابعة المراقبة، يسأل هو "ليش وين في حدن بعد عم ينزل عالشغل"، ويكتفي بالقول "الأمور متروكة للتاجر وللطبقة السياسية وللمصارف، ومن الطبيعي أن ترتفع الأسعار بهذا الوقت بظل انهيار أكثر لليرة".
في المحصّلة يحلّ رمضان على وقع جنون الأسعار وغياب الرقابة التامّ، فهل هذا سيؤدّي الى اختفاء العادات بصنع الموائد وتنظيم الافطارات الجماعية والاكتفاء بما قلّ سعره؟!.