في 23 آذار، أصدر وزيري الماليّة يوسف خليل والتربية والتعليم العالي عبّاس الحلبي قراراً قضى بإعطاء بدل إنتاجيّة يومي، لأفراد الهيئة التعليمية وللعاملين في الجامعة اللبنانية، بقيمة 6.25 دولار أميركي، وذلك عن حضورهم إلى العمل إعتباراً من بداية شهر آذار ولمدة 4 أشهر. وبحسب القرار، يستفيد من هذا البدل: أفراد الهيئة التعليمية (ملاك، متعاقدون بالتفرغ)، أفراد الهيئة التعليمية المتعاقدون بالساعة الذين لديهم نصاب تدريسي 200 ساعة سنوياً وما فوق، موظفو الملاك والمتعاقدون والاجراء، المدرّبون بدوام كامل.
وقد اشترط القرار لإستفادة العاملين، من غير أفراد الهيئة التعليمية، من بدل الانتاجية الحضور إلى مركز العمل 3 أيام أسبوعياً على الأقل، وذلك من نهار الاثنين إلى نهار الخميس من كل أسبوع، وفي حال حضور العامل، إضافة إلى الأيّام الأربعة المذكورة، يوم الجمعة، يحتسب عندها بدل الانتاجية لهذا اليوم على أساس اليوم الخامس في الأسبوع.
منذ تاريخ صدور هذا القرار، شعر الكثير من الأساتذة بالإستفزاز، لا سيّما أنهم اعتبروا، بحسب ما تشير مصادر متابعة لـ"النشرة"، أنّه يحول الأستاذ الجامعي إلى مياوم، الأمر الذي طرحت حول العديد من علامات الإستفهام، بينما هناك أسئلة أخرى تتعلق بالواقع بعد إنتهاء الأشهر الأربعة، خصوصاً أن هناك عمل يتعلق بإمتحانات الدورة الثانية ومباريات الدخول إلى الكلّيات المختلفة.
في هذا السياق، يشدّد رئيس رابطة الأساتذة المتتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور أنطوان شربل، في حديث لـ"النشرة"، على أن الأستاذ الجامعي يقدّم تضحيات كبيرة كي يستمر العمل في الجامعة، في ظلّ الظروف الصعبة على كافة المستويات، خصوصاً أن فرص المغادرة نحو أماكن أخرى، سواء في الداخل والخارج، متوفّرة، لكن إنتمائه إلى الجامعة وحرصه عليها وعلى طلابها حتّم عليه البقاء والصمود.
وبالرغم من أنّ المعنيين برّروا ذلك بالحاجة القانونيّة، على إعتبار أنّ الأساتذة، كما الموظفين في القطاع العام، يحصلون على مساعدة أخرى، وبالتالي لا يمكن أن يحصلوا على مساعدة إضافيّة، يؤكّد شربل أنه في الشكل والمضمون القرار الصادر غير مناسب أو غير لائق مهما كانت التبريرات، ويشدّد على أن الأستاذ الجامعي له خصوصيّته وإنتاجيّته التي لا تتحدد بالحضور إلى الكلّية، على إعتبار أنه يقوم بالتحضير والأبحاث قبل ذلك، ويمنع عليه ممارسة أيّ عمل مأجور آخر.
في هذا الإطار، يؤكّد شربل أنّ كل المساعدات والتقديمات التي تُقدَّم زهيدة، وبالتالي لا تحل المشكلة، ويوضح أن هناك وعوداً بالعمل على صيغ أخرى، حيث ينتظر الأساتذة القرارات التي ستصدر عن مجلس الوزراء، خصوصاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قدم وعوداً في هذا الشأن، منها ما يتعلق بالحصول على بدلات بالدولار تصرف على صيرفة، أي لا تتأثر بإرتفاع السعر المعتمد على المنصة، بالإضافة إلى ليترات البنزين ودعم صندوق التعاضد، خصوصاً أن تقديمات الصندوق شبه معدمة والأساتذة مكشوفين طبياً وصحياً، ويؤكد أن الرابطة لن تتهاون في متابعة هذا الموضوع والمواضيع الأخرى التي تعنى بحقوق الأستاذ الجامعي، المادية والمعنوية.
من جانبه، يؤكد رئيس رابطة موظفي الجامعة اللبنانية حبيب حمادي، في حديث لـ"النشرة"، أن الحلول لا تكون بهذه الطريقة ولا الأسلوب، لكنه يشير إلى أننا "نعض على الجرح لأننا أخذنا على عاتقنا إنهاء العام الدراسي، حرصاً على مصلحة الجامعة والطلاب معاً"، ويشير إلى أن الرقم المذكور لا يقدم أو يؤخر، بالنسبة إلى الحوافز والتقديمات التي يجب أن يحصل عليها الأساتذة والموطفون، ويضيف: "القرار المذكور يفرض على الموظفين الحضور 4 أيام في الأسابوع كي يتمكنوا من الإستفادة منه، في حين أن المبلغ لا يكفي ثمن بنزين، نظراً إلى أن الكثيرين منهم يقيمون في أماكن بعيدة".
بالنسبة إلى حمادي، كل ما يقدم لا يمثل حافزاً كي يحضر الموظف إلى مركز عمله بشكل مريح أو يلبي متطلبات وظيفته، وبالتالي القرار يمكف وصفه بـ"المسكن" كي يستطيع هذا الموظف الإستمرار، نظراً إلى أن الراتب الأساسي لم يعد أحد يتحدث به، ويشير إلى أن بعض الموظفين يؤمنون القطرسية على نفقتهم الخاصة كي يستمر العمل، والأمر نفسه يطبق بالنسبة إلى مسألة التنظيفات، ويضيف: "من المؤكد أن المعالجة لا تكون بهذا الشكل أو عبر هذه الحلول".
في المحصّلة، مرة جديدة من الضروري أن يولي المعنيون التعليم الرسمي بشكل عام والجامعة اللبنانية أهمية خاصة، بدل الإستمرار في سياسة "المسكّنات" التي لا تؤدّي إلى معالجة الأزمات، لا سيما أنها المتنفس الوحيد، أمام الطلاب والأهالي، في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، والأساس دائماً يبقى الإهتمام بواقع الأساتذة والموظفين.