أشارت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّ "الحملة المركزة داخلياً التي يشنها معارضو ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، تعكس من جهة، احتدام المعركة الداخلية، ومن جهة أخرى واقع التفاوض بين الدول المعنية بالملف. إذ إن كل اللاعبين في لبنان يتصرفون بواقعية إزاء الدور الخارجي، والجميع يعرف أن وصول رئيس إلى بعبدا من دون تسوية مع الإقليم والعالم، يبقي الأمور على حالها، وقد يوسّع دائرة الانهيار، خصوصاً على صعيد الدولة المركزية التي تسقط يومياً في كل الأمكنة، ولم تعد سطوة أو هيبة القوى الأمنية والعسكرية كافية لمنع الانفجارات المتفرقة؛ بمعزل عما إذا كان عنوانها اجتماعياً أو طائفياً أو أمنياً".
وذكرت أنّ "منذ الإعلان عن زيارة فرنجية إلى فرنسا، نشطت ماكينات كل الأفرقاء. لكن، بدا واضحاً أن "القوات اللبنانية" رفعت السقف إلى أعلى مما كان يتوقع الجميع، بإعلان رفضها الحازم وصول فرنجية أو من يشبهه إلى الرئاسة، وصولاً إلى التهديد بعصيان عليه وعدم الاعتراف به رئيساً في حال انتخابه. وهو موقف يلاقيه "القوات" فيه مسيحيون آخرون، ما قد يقود إلى توتر أكبر".
وأوضحت الصّحيفة أنّ "هذا ما يخشاه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أكثر من أي جهة أخرى. فبكركي التي لا تقبل أن يُستغل الانقسام المسيحي لفرض مرشح لا يمثل غالبية شعبية مسيحية واضحة، تقرّ في الوقت نفسه بصعوبة توحيد المسيحيين على مرشح واحد، وترفض جرّها إلى موقف علني داعم أو رافض لهذا المرشح أو ذاك. وهي في الوقت نفسه، شديدة القلق من المناخات المحيطة بمواقف "القوات اللبنانية"، ولا ينبع قلقها هذا من التجارب اللبنانية فقط، بل من تحذيرات شديدة تأتي من الفاتيكان تحذّر من انزلاق المسيحيين أو قوى بارزة بينهم إلى خيارات صدامية تؤثر في مستقبل وجودهم في لبنان".
ولفتت إلى أنّه "فيما أخفقت المحاولات التي قام بها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط لطرح مرشح تسوية، لم يطرأ تغيّر على موقف ثنائي "أمل"- "حزب الله" الداعم لترشيح فرنجية. وعلى رغم أن هناك من أبدى خشية من ترشيح رئيس مجلس النواب نبيه بري للرجل من دون تنسيق مع الحزب أو معه، ما ترك آثاراً سلبية على معركته الرئاسية، إلا أن رئيس المجلس حرص أخيراً على إبلاغ كل من يعنيهم الأمر بأنه لا يناور في دعمه لفرنجية، وهو تعهّد له ولـ"حزب الله" بذلك، كما بعث برسائل إلى دمشق حول الأمر نفسه".
كما كشفت "الأخبار" أنّ "في هذه النقطة، يسعى بري إلى تبريد الأجواء مع القيادة السورية، ومحاولة رأب الصدع الكبير في علاقته بدمشق، بعدما لمس من الاتصالات واللقاءات التي أعقبت الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، استمرار الرئيس السوري بشار الأسد في موقفه السلبي منه".
من جهتها، ركّزت مصادر معنية للصّحيفة، على أن "بري حسم أمام مجموعة من الشخصيات، بأن "معركتنا لإيصال فرنجية مستمرة ولن يكون فيها أي تعديل، وإذا كان هناك من عوائق فعلينا العمل داخلياً وخارجياً على إزالتها".
وأفادت "الأخبار" بأنّ "رواة ينقلون حواراً بين رئيس المجلس والسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، بعد سؤالها عن سبب التمسك بترشيح فرنجية، إذ أجابها: "ما هي مشكلتكم أنتم معه؟ إذا كنتم تبحثون عن شخصية قادرة على التحدث والتفاهم مع سوريا و"حزب الله"، فمن برأيكم يمكنه ذلك؟". وأضاف: "هل تعرفين أحداً من المرشحين الفعليين غير فرنجية يمكنه التحدث مع الأسد لمعالجة أي أمور عالقة بين البلدين، خصوصاً في ملف النازحين؟ ومَن مِن هؤلاء غير فرنجية يثق به "حزب الله"، ويمكنه التفاهم معه حول أمور كثيرة تخص لبنان وعلاقاته الخارجية، ويمكن أن يمون على الحزب في بعض الأمور؟".
وأشار الرّواة إلى أنّ "برّي أضاف: "من قال إن فرنجية ليست له وضعية مسيحية؟ هل الأصوات هي العنصر الحاكم، وماذا عن تصويت المسيحيين قبل 2005؟ هل الجمهور اليوم أكثر حرية، وهل يوجد في لبنان، حتى بين خصوم فرنجية، من يمكنه أن ينفي عن الرجل تاريخه المسيحي، وتاريخ عائلته التي لطالما كانت لها علاقات قوية مع العالم العربي ومع الغرب، ومع السعودية على وجه الخصوص؟".
وبحسب الرواة أنفسهم، فإنّ بري تابع: "لا مشكلة لفرنجية مع السعودية. ربما هناك مشكلة للسعودية مع فرنجية، لكن موقف الرياض غير واقعي، لأن فرنجية ليس مسؤولاً عما يفعله "حزب الله"، ولا عما يفعله رئيس الوزراء السابق سعد الحريري. ولا يمكن أن يفرض أحد في الخارج على أحد في الداخل كيف يبني علاقاته".
وأكّد برّي، بحسب الرواة، أن "لبنان يحتاج اليوم رئيساً لا يكون خاضعاً للمسلمين، لكنه قادر على مواجهة أي ضغوط مسيحية غير منطقية عليه. ومن يفكر برئيس من دون قدرات، فإنه يدعو إلى استمرار الأزمة في لبنان". ونقلت المصادر نفسها أن "شيا كررت أنه ليس لبلادها أي موقف من فرنجية، وأنها تتفهم ما قاله رئيس المجلس".
واشنطن: لا فيتو على عودة سوريا إلى العرب... لكن ليس مجاناً
شدّدت "الأخبار" على أنّ "حلقات الأيام الأخيرة متداخلة بعضها ببعض. من الحلقة الصغرى إلى الحلقة الكبرى. رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ذهب إلى باريس وعاد، دونما أن يحمل كلمة السر النهائية بانتخابه رئيساً. الرجل حليف "حزب الله". لكنه أولاً حليف سوريا المدعوة إلى العودة إلى الجامعة العربية في قمة 19 أيار المقبل، في ضيافة الرياض، أول مَن حضّ على إخراجها من الجامعة وأول مَن يعيدها إليها".
وأشارت إلى أنّ "الحلقات التالية أن حواراً مباشراً بدأ بين سوريا والإمارات، ثم انتقل إلى السعودية، وعرّج على مصر ولا أحد يعرف ماذا ينتظره. لكن المؤكد أن الأصل يكمن في الحوار السعودي- السوري في قضايا البلدين والجوار، على غرار الحوار السعودي- الإيراني المار في هذه الأيام في شهر عسل مفتوح. إذذاك يصبح لبنان جزءاً لا يتجزأ منه".
ولفتت الصّحيفة إلى أنّه "قلما عُرف، على الأقل منذ الحرب اللبنانية، أن كانت السعودية في لبنان بلا سوريا أو العكس. عندما اتفقتا في عقد ونصف عقد من الزمن في هذا البلد استقرت أحواله. عندما اختلفتا عام 2005، انفجر. أعيد ترميم علاقتهما فيه عامي 2009 و2010، ثم ذهبتا إلى المواجهة المباشرة والعلنية في الحرب السورية. من ذلك يصبح الحوار السعودي- السوري، للبلدين كما للبنان، ذا مغزى كبير وضروري. إلا أن عليه أن يسلك أولاً طريق الجامعة العربية".
ورأت أنّ "أكثر مَن عبّر عن الحلقات المترابطة تلك، زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف لبيروت في 24 آذار، قبل أن تتلاحق تطورات إضافية مذذاك. إلا أن الدبلوماسية الأميركية كشفت عن إحكام الحلقات تلك دونما تمكنها بالضرورة من فصل إحداها عن الأخرى".
كما كشفت "الأخبار" أنّ "ما سمعه المسؤولون اللبنانيون من ليف، تركز على الآتي:
1- لم تسهب خلافاً للمتوقع في الحديث عن انتخابات الرئاسة اللبنانية. استعادت اللازمة الأميركية الدائمة وهي أن واشنطن مع انتخاب رئيس في أسرع وقت، يليه تأليف حكومة ثم مباشرة الإصلاحات وخصوصاً تطبيق البرنامج المقترح من صندوق النقد الدولي، وتضيف: ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم. إلا أنها أكدت أن لا مرشح لإدارتها ولا تريد تنكّب أي من المرشحين على أكتافها. تنتظر انتخاب الرئيس أياً يكن فحسب.
2- تحدثت عن الاتفاق السعودي- الإيراني برعاية الصين، وكشفت لمحدثيها اللبنانيين أن واشنطن أخذت علماً من الرياض بحصول التوقيع على الاتفاق قبل وقت قصير فقط من احتفاليته، من غير أن تحدد المدة القصيرة التي مكّنتها من الاطلاع عليه: ساعات قليلة أم أكثر بقليل؟
3- في ما تحدثت عنه ليف سورياً، أن لا فيتو أميركياً على عودتها إلى الجامعة العربية. بيد أنها طرحت شرطين اثنين يقترنان بها: أولهما أن ينجم قرار العودة عن موقف عربي مشترك موحد بحيث يعيد العرب جميعاً، وليس بالمفرّق على نحو الخطوات المجتزأة أخيراً، سوريا إلى الجامعة العربية. ثانيهما أن لا تكون العودة هذه مجانية، بل جزء من تفاهم ينطلق من التحقق مما يمكن أن تقدمه سوريا إلى العرب كي يرجعونها إليهم".
أول قرار في ملف سلامة اليوم: تثبيت الحجز على أملاكه أم رفع الخناق عنه؟
ذكرت "الأخبار"، أنّه "يصدر اليوم في باريس، أول قرار تنفيذي في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وبحسب معلومات حصلت عليها "الأخبار"، سيكون على القاضية الفرنسية أود بوروزي أن تحسم مسألة تثبيت الحجز على أملاك الحاكم، أو رفع الحجز عنها".
وأكّدت أنّ "الحكم الذي سيصدر على أساس الدعوى المقدمة ضد سلامة في باريس، من "تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان" وجمعية "شيربا" الفرنسية (متخصصة في الدفاع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية)، بجرائم اختلاس وتبييض أموال واستفادات غير مشروعة، يُعدّ تطوراً لافتاً في القضية، لا سيما أن أي حكم بحقه لم يصدر عن أي جهة بعد".
وشرحت أنّ "هنا، ثمة اعتبارين للقضية: تثبيت بوروزي الحجز على أملاك الحاكم، يعني أنه تكوّنت لديها إثباتات واضحة حول واحدة أو أكثر من التهم الموجهة ضد سلامة، أي أنه متهم باستخدام الأموال العامة لمصالح خاصة وبتبييضها. أما في حال إصدارها قراراً برفع الحجز عن أملاكه، فسيمنح ذلك الحاكم جرعة أوكسيجين لتقوية موقفه، ويشكل منعطفاً أساسياً في كل الدعاوى المقدمة ضده في لبنان والخارج".
وعلمت الصّحيفة أنّ "محاميَين دوليين اثنين سيحضران جلسة الحكم في باريس، لتمثيل الدولة اللبنانية، بعد أن وقّع وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري على طلب رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة إسكندر، تعيين محامين عقب اتخاذ الدولة اللبنانية عبر هيئة القضايا صفة الادعاء الشخصي في التحقيق الذي تجريه بوروزي".
وأكدت إسكندر لـ"الأخبار"، أنّ "وزير العدل وقع على تعيينه المحاميين اللذين سيعملان لمصلحة الدولة من دون أجر، ما أسهم في تذليل عقبة نيل موافقة وزير المالية، الذي لم يردّ على طلبها تعيين محامين. إذ إن حضور محامين عن الدولة سيعني، في حال تمّ الحجز على أملاك سلامة وغيره، أن الأموال المحجوزة ستكون من نصيب الدولة اللبنانية، ولن تذهب إلى أي جهة أخرى، طالما أن الدولة هي إحدى الجهات المتضررة".
كما علمت "الأخبار" أن "سلامة سيمثل الخميس المقبل أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، في جلسة مؤجلة من الشهر الماضي بسبب تزامنها مع زيارة الوفد الفرنسي". وبيّنت مصادر قضائية أنّه "يصعب التكهن ما إذا كانت جلسة واحدة كافية، أم سيتطلب الأمر تعيين مواعيد لجلسات أخرى. ذلك سيكون رهن تجاوب سلامة مع القاضي". أما عن موعد وصول الوفود القضائية من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، فقد أفادت المصادر بـ"حضورهم في 25 نيسان الحالي، وطلبهم استجواب كل من شقيق الحاكم رجا سلامة ومعاونته مريان الحويك، إضافة إلى شاهدين اثنين".