أشار رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية، المطران يوسف سويف، خلال ترؤّسه صلاة ورتبة سجدة الصليب، لمناسبة يوم الجمعة العظيمة في كنيسة مار مارون في طرابلس، إلى أنّ "في يوم الجمعة العظيمة، تعالوا ندخل مع يسوع ونكون شهودًا لابن الإنسان، الّذي حُكم عليه وصُلب بين لصّين وسُمّرت يداه على الصليب واقترعوا على ثوبه. فمع ابن الله دفن في القبر الإنسان القديم، وبموت يسوع المحيي أصبحنا خليقةً جديدةً، محرّرةً من الخطيئة".

وذكر أنّ "في يوم الجمعة العظيمة، نستمع إلى حوار اللّصّين حول ما ارتكبا من جرائم وفظائع بحقّ الناس، وكذلك حول براءة يسوع الّذي لا ذنب له، فسيق إلى الذّبح كالخروف أمام الجزّار ولم يفتح فاه. اعترف لصّ اليمين بقبح ذنوبه، وقال لسيّد الكون: "أذكرني متى أتيت في ملكوتك" (لو 23: 42)، وأجابه الرّبّ بملء الحبّ والحنان الّذي حرّك توبته: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43)".

ولفت سويف إلى أنّ "هذا الحوار ما زال يتواصل في داخل كلّ إنسان يتوب عن الشّرّ الّذي ارتكبه، ليس فقط بحقّ نفسه، بل خاصّةً بحقّ النّاس وهي الخطيئة الأكبر لأنّ الأذيّة أكبر. تعالوا نفكّر بأولئك الّذين يرتكبون الفظائع بحقّ الأبرياء"، متسائلًا: "ألم يحن الوقت ليسمعوا ما قال لصّ اليمين؟ ألم يحن الوقت حتّى يتوبوا ويعودوا إلى إنسانيّتهم، وإلى الله الواحد الأحد الّذي يعلن أغلبيّتهم إيمانهم به؟ إلى متى يتمادى هؤلاء عندنا في لبنان وفي كلّ مكان في هذا العالم، ويصدروا الأوامر ليقودوا النّاس إلى الذّبح والموت وإلى جرح دائم لكرامتهم؟".

وشدّد على أنّ "يوم الجمعة العظيمة، هو نداء إلى ضمائرهم، فيوقفوا المتاجرة بالبشر وسوقها كلّ يوم إلى القهر والذّلّ، فالمواطن يستحقّ أن يحيا أفراح القيامة"، مبيّنًا أنّ "ما نطلبه بمحبّة ومسؤوليّة، هو التّوبة وطلب المغفرة من الشّعب الّذي يعيش باستمرار جمعته العظيمة. فيا أيّها المسؤولون! ما أجمل أن تصحوا وتحكموا بالإنسانيّة والعدل على قاعدة الأخلاق والضّمير".

وركّز سويف على أنّ "في يوم الجمعة العظيمة، نقدّم آلام البشريّة، وآلام لبنان والشّرق والعالم بأسره أمام صليب المسيح، الّذي أصبح خشبة الخلاص وعلامة الظّفر والشّفاء. تعالوا نعترف مع لصّ اليمين ونسجد للصّليب، فنموت عن ذواتنا لأجل المحبّة الّتي تقتضي الموت، لأنّ الموت بإيمان ومحبّة هو حياة جديدة في المسيح له المجد إلى الأب".