رغم تبدل وتطور الظروف في ايقاظ الصائمين، خلال شهر رمضان، لتناول السحور، عبر وسائل الاعلام والجوامع في البلدات والقرى الجنوبية، فإن ظاهرة المسحراتي، وهي عادة موروثة عن الاباء والاجداد في مدينة النبطية منذ الاربعينات، ما تزال تطبع وجدان الاهالي ويألفونها.
ورغم مظاهر التمدن والتقدم التكنولوجي في ايقاظ الناس، فإن ظاهرة المسحراتي في النبطية مستمرة بفضل الحرص عليها من قبل الشباب المبادرين على ممارستها بدافع ديني وواجب اخلاقي واجتماعي، ولم تعرف هذه العادة توقفاً في النبطية، الا خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي.
مع إرتفاع كلفة البنزين، لم يعد المسحراتي يجول بسيارته، بل بات مضطراً للتجول سيراً على الأقدام فقط، وهو يضرب على الطبلة مردداً: "يا نايم وحد الدايم، قوموا على سحوركم، اجا رمضان يزوركم"؟.
في هذا السياق، يشير عضو بلدية النبطية جهاد الدقدوق، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنها عادات وتقاليد وصور تراثية ودينية تزخر بها المدينة ولا تزال راسخة في الأذهان، لارتباطها بالقيم والاخلاق الرمضانية التي يواظب أبناء المنطقة على ممارستها خلال شهر رمضان.
بينما يلفت رئيس النادي الأهلي في النبطية محمد بيطار، في حديث لـ"النشرة"، إلى أننا "نحافظ على هذه العادة التي تواكب الشهر الفضيل، لكنه مع تمدد العمران في المدينة وتوسعه بات يتنقل بين الأحياء بسيارته لاعلام الصائمين بالسحور"، ويوضح أنه "كما أن الصائمين يستفيقون للسحور عبر الاذان فجراً أو من خلال التلفاز أو الراديو أو عبر المنبه".
من جانبه، تمنى المؤرخ محمد معلم، في حديث لـ"النشرة"، لو أن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أو النادي الحسيني في النبطية يقيمان سنوياً دورة للمسحرين، "كي لا يمارسها كل على هواه وتكون مصحوبة بالتواشيح الروحية، وهو أفضل من الناحية الدينية والاعراف والتقاليد حفاظاً على هذه العادة، على أن يكون هناك متخصصون بالعمل فيها موزعون على البلدات والاحياء ومرتبطون بالمجلس مباشرة".
بدوره، يلفت حسين بريش (مسحراتي من حي السراي)، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنه يتجول بطبلته في شوارع وأزقة الحي التراثي والمعماري، ويضيف: "الصغار ينتظرونني على شرفات المنازل ويردّدون معي يا نايم وحد الدايم"، ويشير إلى أن الإلتزام بالواجب الديني هو الذي يدفعه إلى المواظبة على هذا العمل.