لا يهم "أم سحر"، إن كان المجلس النيابي يجتمع أو لا... وإن كان يُرجئ الانتخابات البلدية أم لا يرجئُها... فما يهمها من الموضوع برُمته، أن سقف منزلها يفضح إهمالا بدأ في البناية التي تسكنها، وانسحب على بلدية الحازمية، فإذا بالاستخفاف بأرواح الناس –على ما قالت– "بات وسع الوطن بأسره، وعلى كل الصعُد"!.
بالنسبة إليها "ماذا يتغير في الوضع إذا تجدّدت البلديات، أم بقي القديم على قدمه؟...
وما خبرته "أم سحر" حتى الآن، أخطر ما فيه، أن الفساد المستشري بلديا أيضا، هو وليد تسيّب لا يقتصر على سقف منزلها المتهاوي، بل مردّه "لا مسؤولية" بلدية الحازمية تجاه حياة الإنسان!...
إيعاز غير نافع
هي تقول: "بالأمس أوعز (وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال) بسّام مولوي، إلى المحافظين كافة، وعقب الزلازل المدمرة التي بدأت في تركيا (في 6 شباط الماضي)، الطلب إلى البلديات واتحاداتها، والقائمقامين، المباشرة فورا في إجراء مسح شامل للأبنية المتصدّعة وغير الصالحة للسكن… والعمل على تدعيم أو ترميم الأبنية المتصدعة من أَصحابها"…
وتستطرد: "لكن ذلك الإيعاز الوزاري لا يشمل منزلي في الحازمية. كما وأن سقف منزلي لا تعنيه السجالات في الشأن البلدي".
بداية الإهمال
و"أم سحر"، فنانة لبنانية شاع صيتها أيام الزمن الفني الجميل. لقد حملت لبنان بصوتها، فنا راقيا، وأصالة صافية، في ثمانينيات القرن الماضي. كما وجالت الشرق والغرب، سيدةً للأَصالة والرسالة الملتزمة بالمحبة و"الأخوة الإنسانية" الشاملة للبشرية جمعاء!.
بعدها قررت تخصيص وقت أكثر لوحيدتها، كي تمنحها الاهتمام اللازم، فتكمل إذاك مسؤولياتها كأم، فصارت تنتقي عروض العمل انتقاءً، وأعادت النظر في العمل خارج لبنان!…
إنتقلت للعيش في شقة، كانت فخمة، في شارع راق في الحازمية. وما لبثت أن أيقنت الإهمال التام من قبل لجنة مالكي البناء، ولأبسط شروط الصيانة الدورية للبناء… وهم –إلى ذلك– غير آبهين بأدنى متطلبات الصيانة، ما يشكل حكما، خطرا على سلامة البناء، وتهديدا جديا للقاطنين فيه، وبخاصة "أم سحر" التي تشغل الطبقة الأخيرة من ذاك البناء "المشؤوم"!.
وعبثا سعت إلى حضّ لجنة المالكين، على التحرك سريعا لإصلاح الأعطال الفظيعة، المتراكمة بفعل الزمن والإهمال… ولكنها لم تفلح في ثني اللجنة عن إهمالها المتعمد!. ولقد بات سقف منزلها على استعداد للسقوط، "من دون جميلة" الهزة الأرضية!...
البلدية اللا مبالية
وفي "أيام اللولو"، عبثا حاولت "أم سحر مراجعة بلدية الحازمية في هذا الشأن، إلى أَن انطبق عليها المثل الشعبي القائل: "دق المي… مي"!.
واليوم، تجلس "أم سحر" تتأمل حديدا انكشف لها… هو أقل صدأ من ضمائر قد اهترأت بالكامل!… لا شك أن الحديد يحن على البشر، أكثر من حنانهم على بعضهم، ورأفتهم ببعض!.
ماذا يقول القانون؟
لقد لحظ القانون اللبناني "القسم المشترك بطبيعته"، وهو القسم المعدّ للاستعمال المشترك بين المالكين، وضمنا السطوح الأخيرة وغيرها... كما وحرص المشترع على إيلاء إدارة البناء وصيانته وتطويره والمحافظة عليه الاهتمام اللازم، لناحية ما يتضمنه من حقوق.
ومن مسؤولية "جمعية مالكي الطوابق والشقق"... تصريف الأمور العاديّة اليوميّة، والقيام بكل الإجراءات والأعمال المستعجلة، التي تقتضيها سلامة العقار، وسلامة الغير، من الأضرار التي قد تصيبهم بسببه (المادتان 22 و23 م. إ. 88/83).
وفي المقابل، يمكن لرئيس الجمعيّة أن يطلب من المالكين دفع سلفة شهريّة، أو فصليّة، في الصندوق الدائم للجمعيّة، وتسديد المصاريف المتعهّد بها، والمصاريف المدفوعة فعلا، ودفع سلفات خاصة وفقا للشروط المحددة في قرارات الجمعية لتنفيذ الأعمال والأشغال (المادة 44 م. إ. 88/83).
ولكن البناء الذي تقطنه "أم سحر"، تقبض فيه لجنة المالكين، من دون أن تأبه للمسؤوليات المتوجبة عليها، حتى ولو كان ذلك يصب في خانة "الأعمال المستعجلة، التي تقتضيها سلامة العقار"!.
وتكون "الأعمال الإداريّة" للجنة ماديةً؛ مثل صيانة وتصليح واستبدال جميع التجهيزات للخدمة المشتركة، ومنها "السطوح"... وكذلك تصليح الأعطال الطارئة على الأقسام المشتركة، وكل ما ليس من شأنه أن ينقص حقوق المالكين في ملكية الأقسام المشتركة أو في استعمالها (المادة 35 م. إ. 88/83).