بوقاحة غير مسبوقة، سيطعن عدد من أصحاب المؤسسات السياحية أمام مجلس شورى الدولة بقرار مجلس الوزراء الأخير الذي عدّل جدول رسوم وغرامات الإشغال الموقّت للمتر الواحد على الأملاك البحرية العمومية.
نعم بوقاحة غير مسبوقة، يعترض هؤلاء على تعديل الرسوم والغرامات، مُتناسين أنهم في الحقيقة مجرمون إستغلوا فوضى الحرب اللبنانية ودعم ميليشياتها لهم وأنشأوا مؤسساتهم على شاطئ البحر، الذي تملكه الدولة اللبنانية بالكامل من العريضة في عكار الى رأس الناقورة في الجنوب.
ولأن الدولة عاجزة عن إزالة مخالفاتهم لسبب أن الأحزاب والتيارات السياسية التي حمتهم، عندما بنوا مؤسساتهم غير الشرعية على الشاطئ لا تزال هي هي تتربع على العرش في مجلسي النواب والوزراء، صدّقوا كذبة مجلس النواب واصبحوا على قناعة بأنّ الأموال التي يجب عليهم دفعها هي رسوم إشغال موقت كما جاء في القانون الذي صدر بهذا الخصوص، لا غرامات على إعتداءاتهم على الأملاك العامة البحرية.
فعلى ماذا يعترض المعتدون على الأملاك العامة البحرية والى أين يريدون الوصول؟.
فلنأخذ مثلاً منتجعاً سياحياً إعتدى صاحبه على 200 متر من الأملاك العامة البحرية في جونية. الرسم على المتر الواحد في جونية كان قبل تعديل الجدول، 2150000 ليرة، ما يعني أن صاحب المنتجع يجب أن يدفع للدولة سنوياً 430 مليون ليرة. قبل أزمة العام 2019 وإنهيار الليرة كان هذا المبلغ يساوي 285 ألف دولار أميركي على سعر صرف 1507 ليرات للدولار. أما بعد الإنهيار فأصبحت قيمته اليوم 4300 دولار على سعر صرف 100 ألف ليرة. لذلك جاء تعديل مجلس الوزراء للمرسوم بإقتراح من وزير الأشغال علي حمية كي يقول التالي:
كما كان صاحب المنتجع يدفع للدولة ما يساوي 285 ألف دولار قبل الأزمة، عليه أن يدفع قيمة المبلغ ذاته بعدها، أي ما يساوي 285 ألف دولار ولكن بالليرة اللبنانية على أن يُضرب المبلغ بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء، وإذا إعتبرنا أن سعر الصرف هو 100 ألف ليرة، فهذا يعني أن الذي يجب عليه دفعه هو 28 مليار و500 مليون ليرة.
هذه الأرقام قد يعتبرها البعض مجحفة بحق أصحاب المؤسسات لكنها في الحقيقة أقل من عادلة، أولاً لأنهم معتدون على أملاك الدولة وهذا ما يجب عدم نسيانه، وثانياً لأنهم يسعّرون للزبائن بالدولار وبقرار من وزارة السياحة ويتقاضون فواتيرهم إما بالدولار الفريش وإما بالليرة على سعر صرف السوق السوداء وثالثاً لأنهم جنوا على مر السنوات ولا يزالون الثروات الطائلة من جراء إعتداءاتهم على الأملاك العامة.
فهل يجوز أن تُحصّل الدولة اللبنانية من المعتدين على أملاكها البحرية سنوياً حوالى 500 ألف دولار فقط، لو لم يعدل جدول التخمين، بينما من المتوقع أن تُحصّل بعد التعديل حوالى 35 مليون دولار سنوياً؟!.
فعلاً إنها الوقاحة بحدّ ذاتها! ما بعدها وقاحة أن يطعنوا بالمرسوم لأنّ القتيل رضي والقاتل لم يرض !
فعلاً هم لا يدرون ما الذي ينتظرهم عندما تدقّ لحظة التعافي المؤسساتي في لبنان، أي في اللحظة التي ستعيد بها حكومة أصيلة لا حكومة تصريف أعمال، النظر بجدول التخمين، لأنّ جدول الأسعار المعدّل في العام 2018 هو بالأساس مجحف بحق الدولة، ويوم سيعدّل كي يصبح عادلاً لن نسمع إلا بكاء وصرير أسنان هؤلاء المعتدين.