أشار نقيب المحررين جوزاف القصيفي، خلال حفل أحيته نقابة محرري الصحافة لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، الى إن "اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أقر الاحتفاء به في الثالث من ايار من كل عام انبثق منذ ثلاثين عاما من اعلان ويندهوك تحت مظلة الامم المتحدة وبناء على توصية من منظمة الاونيسكو، وها هو يعبر القارات والدول ويلاقي في وطننا بعد ايام قليلة ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية. وهم رواد الحرية ليس في لبنان فحسب، بل في المشرق العربي كله. فقد كانوا طلائع التحرر الذي بزغ فجره من أعواد المشانق التي تأرجحت عليها اجسادهم. فكانوا كبارا، وكان الموت صغيرا أمام عظمة تضحية لم يبخلوا بها، بل البسوها حلة المجد. اننا ننحني امام من بذلوا ارواحهم وهم يؤدون واجبهم المهني والوطني".
ولفت الى اننا "نغتنم هذا اليوم لنجدد التزامنا الكامل بالحريات كافة، لا سيما حرية الصحافة والجسم الصحافي الذي لنا شرف تمثيله. ولا عجب، فالحرية هي في اساس حياتنا وكياننا ودستورنا ومهنتنا، وهي المحفز الاساسي لازدهار المعرفة والفكر والثقافة والمحاسبة من اجل وطن مزدهر ومشع. انه اليوم الانسب للاضاءة على التحديات التي تواجهها حرية الصحافة. وهي فرصة لتقييم واقع المهنة واستشراف مستقبلها وثبات دورها الرسولي".
وأكد أن "نقابتنا قد تصدت في ادبياتها منذ ما يقارب العقدين من الزمن لهذه القضية، واقرت بالتحديات التي تواجه هذا النوع من الصحافة، وقدمت اقتراحات وحلولا للحكومات المتعاقبة، ووزارة الاعلام. لكن أحدا لم يول ذلك اي اهتمام. فتوقفت صحف ورقية كثيرة عن الصدور، وكانت تشكل ذاكرة لبنان المكتوبة وسجل وقوعاته اليومية، ولم يتبق منها الا ما يقل عن أصابع اليدين عدا. كلكم يعرف تاريخ الصحافة اللبنانية ومآثرها داخل الوطن وخارجه. والتعداد يستغرق ساعات اذا اسهبنا".
واعتبر أن "الاعلام ليس مجرد وسيلة فحسب، ولا يمكن تصنيفه بين تقليدي وحديث، فالاعلام هو الاطار الاوسع والمحركّ الرئيس لحركة المجتمع بكل ما يحفل من ديناميّة، وتنوّع، وتصارع وتناغم، وتكامل وتضاد. وليس هناك إعلام حديث -كما يخيّل للبعض- بل وسائل حديثة للاعلام. ومهما بلغت هذه الوسائل من درجة متقدمة وأهميّة قصوى، فان المحتوى يبقى هو الأهم. وهذا ما يدفعنا الى العمل معاً على مقاربة تتجاوز الآني والوصفي، تتناول عمق المأزق الذي تعيشه الصحافة والغوص على اسبابه الحقيقية، فنحن نعالج موضوعاً يتصلّ بالانسان، وحقوقه البديهيّة والطبيعية، المكرسة في المواثيق الدولية والدساتير الوطنيّة: الحرية والحق في الاعلام والاستعلام والوصول الى المعلومات".
بدورها، لفتت الاعلامية ريبيكا ابو ناضر، الى انه "انطلاقا من تمسك لبنان بمبدأ الحرية وفي مقدمها حرية المعتقد والقول والكتابة. ونظرا الى ما دفعه رجال الصحافة اللبنانية بكل مجالاتها وتشعباتها كتابة وصورة من شهداء منذ الاحتلال العثماني الى العصرين المتوسط والحديث، كانت لصحافة لبنان ذكرى في السادس من ايار مترافقة مع ذكرى شهداء الوطن".
ثم تحدث نقيب الصحافة عوني الكعكي، مشيرا الى أن "لو عدنا الى لبنان لرأينا تراجعا كبيرا في اصدار الصحف، ولا بد لي ان اتحسر على مؤسسات اعلامية لبنانية عريقة اقفلت، منها دار الصياد ودار الف ليلة وليلة والحياة والدايلي ستار والسفير. فالسؤال الكبير لماذا تتوقف صحف ومجلات كبيرة وعريقة في لبنان. لسبب بسيط هو اننا اليوم نواجه مرحلة بقاء ووجود في ظل التكاليف الباهظة لاصدار جريدة او مجلة. وقد حلت وسائل التواصل الاجتماعي والهاتف الخلوي مكان الصحف والمجلات".
واضاف "هذا المخلوق الجديد تكلفته قليلة جدا مقارنة بانشاء واصدار جريدة او مجلة من تكلفة الورق والمكتب والموظفين. من هنا ارجو واطلب من الدولة اللبنانية ومن جميع المسؤولين اصدار قانون ينظم انشاء اي موقع الكتروني كي لا يبقى الوضع فلتانا كما هو اليوم. ولا اريد التهجم على بعض المواقع الالكترونية الذي يسيء الى الاعلام".
من جهته، أكّد رئيس الرابطة المارونية خليل كرم "في اليوم العالمي لحرية الصحافة أننا نستذكر شهداء لبنان الذين أعدموا في الساحة التي تكرست باسمهم، وهي التي شهدت على هول هذه المأساة التي كان ضحيتها نخبة من شباب الوطن، معظمهم من الصحافيين وقادة الرأي. هذا اليوم الذي حددته الاونيسكو للاحتفاء بحرية الصحافة، نستعيد فيه جميع الصحافيين والاعلاميين الذين تابعوا المسيرة، حاملين المشعل، مواجهين الاخطار، قد استشهد منهم العشرات، وأصيب آخرون إصابات كادت تقضي عليهم، وكانوا جميعا أقوى من الموت، ومضوا إلى ملاقاة وجه ربهم، متشحين برداء الخلود، فيما ظل الطغاة على قارعة النسيان".
كما أكد "وجوب جمع الشمل وإطلاق الحوار بين اللبنانيين لبناء ثقافة الحياة، إنطلاقا من المشتركات التي تشدهم بعضا إلى بعض. وتعول على دور واسع للصحافة والاعلام لنبذ ثقافة الكراهية والدفع في اتجاه تكثيف الجهود الرامية إلى إبراز قيم التسامح، وقبول آلاخر وشجاعة التصدي للفساد والفاسدين الذين قوضوا ويقوضون دولة القانون والمؤسسات، ويقضون بسلوكهم على طموحات شبابنا وآمالهم.لن تكون الصحافة مهنة على طريق الزوال، وكيف لها أن تلقى هذا المصير، وهي عين المجتمع واذنه اللاقطة، ومادتها الانسان".
اما رئيس تحرير جريدة "اللواء"، صلاح سلام فاعتبر ان "ما يميز الصحافة اللبنانية حتى اليوم عن الدول العربية، الحرية التي نتمتع بها في الأقلام اللبنانية، رغم كل الظروف والمآسي التي نعيشها اليوم. ما زلنا نستطيع انتقاد الحاكم ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والوزراء ورؤساء الأحزاب وبعض المقدسين في بيئتهم السياسية أو الجماهرية بكل حرية وموضوعية".