نظمت جامعة الحكمة طاولة مستديرة حول مسألة "الموت الرحيم – بين التطبيق والقانون" وما تطرحه من أسئلة شائكة قانونية وأخلاقية حول الحق بوضع حد لمعاناة مريض لا أمل له بالشفاء، من خلال بحث قانوني واجتماعي وديني تخللته شهادات حية وأعدته طالبات في كلية الحقوق في الجامعة بإدارة رئيسة قسم القانون الخاص في الكلية جومانا دبس نحاس.
عرض اللقاء للبلدان التي تشرّع "الموت الرحيم النشط" وهي بلجيكا، اللوكسمبورغ، هولندا وكولمبيا في حين ألغت المحكمة الدستورية في إيطاليا تجريم "الموت الرحيم" في أيلول 2019 على غرار كل من سويسرا وإسبانيا والسويد والنروج. وتتجه فرنسا إلى إقرار قانون جديد يحدد الموقف من "الموت الرحيم" نهاية هذا الصيف بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحتى ذلك الحين يُسمح في فرنسا فقط بوقف العلاجات ما يؤدي تلقائيًا إلى الوفاة نتيجة تداعيات المرض.
أما لبنان فيمنع تطبيق الـ"موت الرحيم" إذ تعاقب المادة 552 من قانون العقوبات "بالإعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل انسانا قصدا بعامل الاشفاق بناء على الحاحه بالطلب". كما يلحظ قانون الآداب الطبية في المادة 27 أنه "لا يحق للطبيب إنهاء حياة المريض بعامل الإشفاق حتى ولو طلب المريض ذلك، أي الموت الرحيم".
وفي مداخلة له اعتبر المفتي الجعفري الشيخ أحمد طالب أن "الموت الرحيم" هو "قتل، والدين لا يسمح بأي نوع من أنواع إنهاء الحياة لأن الإنسان مؤتمن على هذه الحياة وليست ملكًا له، لذلك من المفترض أن يحافظ عليها بكل ما أوتي من قوة".
كما أكد مدير معهد العائلة في جامعة الحكمة الخوري يوسف أبي زيد، أن "الكنيسة ترفض الموت الرحيم لأنه يناقض قيمة الحياة. وتشجع في المقابل على العناية التلطيفية التي تحيط الشخص المريض بأبعاده كافة، الجسدية والروحية والمعنوية فيشعر بأنه محبوب وأن حياته تستحق العيش رغم الألم".
وكان نقاش مستفيض مع الحضور عكس السجال الحاد بين رافضين لمبدأ "الموت الرحيم" ومؤيدين له خصوصًا إذا كان المرض في مراحل متقدمة جدا وقلّص قدرة المريض على التحكّم بوظائف جسده. والتقى الحاضرون في هذا المجال على أهمية تعزيز العناية التلطيفية بحيث تبذل الحكومات الجهود الضرورية لزيادة الميزانيات المخصصة لهذه العناية كي متاحة للمرضى الذين يحتاجون إليها وتحفظ كرامتهم في أوقات ضعفهم!