ليست قضية النزوح السوري الى لبنان بجديدة فعمرها من عمر الأزمة في سوريا التي بدأت في العام 2011، 12 عاماً كانت كفيلة برمي الأثقال الكبيرة على كاهل الدولة اللبنانيّة والشعب الذي تحمّل أعباءً إقتصادية وإجتماعية وأكثر...
اليوم جاءت المنظمات الدوليّة لتتحدّث عن عنصريّة الشعب اللبناني وفي الواقع هي التي تخوض حملة تحريض شرسة ضدّ اللبنانيين، هذا ناهيك عن وقاحة بعض السوريين التي لا حدود لها، ففي فرنسا وأثناء تجمع بعض اللبنانيين للإعتصام والمطالبة بعودة النازحين السوريين الى أراضيهم من لبنان حضر بعض السوريين الى الاعتصام "بوقاحة لا توصف" مؤكّدين أننا في أوروبا جميعنا أجانب وإذا أردتم المطالبة بعودة النازحين من لبنان فافعلوا ذلك هناك وليس هنا...
شروط النزوح
أليست هذه وقاحة؟ رمى المجتمع الدولي والدول بثقل الأزمة السوريّة على لبنان ويأتون "لغسل أيديهم" مع ما يرتّبه هذا الأمر من تداعيات خطيرة لناحية التغيير الديمغرافي والخطر الذي يشكله. وبحسب المصادر فإن "النزوح السوري يغطي حوالي الألف منطقة من أصل 1050 منطقة، ما يعني أن إنتشاراً واسعاً للنزوح وبالتالي الضرر كما الانتشار يغطي معظم الاراضي اللبنانية".
"عادةً ولاستقبال أي نازح أو لاجئ لدى البلدان مجموعة منالشروط الإقتصادية المعيّنة حتى لا يتم تخريبها، وهي ثلاثة"، بحسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، الذي يلفت عبر "النشرة" الى أن "أولها أن البلد المضيف يجب أن يكون لديه النقص الديموغرافي أي النقص بالسكان وهذه ليست حالة لبنان، ثانياً وجب وجود إقتصاد قوي وهذه ليست حالة لبنان، أما الشرط الثالث فهو أن نسبة النازحين لا يجب أن تتخطى 1% من عدد السكان الاقتصاديّة"، مشددا هنا على أن "الشروط الاقتصادية للنزوح والهجرة ليست مُحترمة وبالتالي يجب أن نتوقع ردّة فعل سلبيّة في الاقتصاد".
المضاربة بالعمل
يؤكد عجاقة أنه "عملياً لدينا إستحالة في اسقبال هذا العدد الهائل من النازحين"، لافتا في نفس الوقت الى أنه "بدأت المضاربة في المرحلة الاولى بين اليد العاملة اللبنانية وتلك السورية، وفي المرحلة الثانية هناك منافسة لارباب العمل بمعنى أن السوري يؤسسلعمل له في لبنان ويشغّل مواطنه معه، وهذا الامر يعني خروج الدولارات من لبنان بما معنا أيضاً أن اللبناني لا يمكن أن يستفيد أو يستثمر".
في هذا السياق أكّدت مصادر مطلعة عبر "النشرة" على "وجود معاناة فعلية على صعيد العمل،والمثل على ذلك في عكار، حيثيبقىالنازح السوري نهاراً في المخيم ويخرج ليلا للعمل، اضافة الى أن عددا منهمفتحوا "دكاكين"، وهذا الامر مخالف لمبدأ النزوح ولقانون العمل، الذي يحدد الأعمال التي يُمكن لهم العمل بها".
كلفة النزوح
"لدينا تقديرات للكلفة الماليّة على الاقتصاد اللبناني مع وجود نوعين من الكلفة: المباشرة وغير المباشرة". ويشرح عجاقة أن "الأولى تقدر بمليار و700 مليون دولار سنوياً تتضمن مساهمة الدولة بالطبابة، الكهرباء، الصرف الصحي، إستهلاك البنى التحتية"، أمّا الثانية فهي "خسائر على الاقتصاد وعلى خزينة الدولة الّتي كانت تستطيع أن تستحصل عليهم وهي تقدر بما لا يقل عن 40 مليار دولار منذ العام 2011 الى اليوم"، مؤكداً أن "المساعدات الدولية للبنان يقال إنها بلغت حوالي 9 مليار دولار وغطت جزءًا بسيطًا من الخسائر المباشرة، لكن الواضح أن المبالغ تبخّرت بسبب الفساد".
إذاً، مليارات الدولات تحملتها الدولة كخسائر عن وجود النزوح السوري في لبنان، وهذا البلد الصغير بحجمه لم يعد يحتمل أبداً، من هنا الاجدى بالمنظمات الدولية التي تدفع الاموال لتوطين النازح في لبنان أن تصرفها عليه عندما يعود الى بلاده.