في حصيلة جولة التحركات الدبلوماسية المستجدة، حول الإستحقاق الرئاسي، نتيجة واحدة هي إستمرار الشغور في الفترة المقبلة، طالما أن الأفرقاء الداخليين لم يصلوا إلى المرحلة التي يعيدون فيها الحسابات التي ينطلقون منها، بالرغم من أن هناك من يؤكد أن الكباش الداخلي له في الكواليس خلفيات خارجية، تتمثل في عدم الوصول إلى لحظة التسوية المنتظرة.
منذ أشهر طويلة، بات من المسلم به أن مفتاح الحل في هذا الإستحقاق خارجي بالدرجة الأولى، وبالتالي لا يمكن الرهان على أي حراك تسعى العديد من الشخصيات المحلية الطامحة إلى القيام به، على إعتبار أن طبيعة العقد القائمة تتطلب جهوداً من نوع مختلف.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الساحة المحلية تشهد مجموعة من الحراكات الدبلوماسية، بعضها معلن وبعض الآخر غير معلن، نظراً إلى دقة المرحلة التي تمر بها المنطقة، خصوصاً بعد التداعيات التي فرضها المسار الجديد على مستوى العلاقات السعودية الإيرانية، الأمر الذي يتوقع البعض أن يقود إلى نتائج إيجابية، بينما في المقابل هناك مخاوف من أن تكون سلبية.
بالنسبة إلى هذه المصادر، المواقف التي عبر عنها السفير السعودي وليد البخاري، هذا الأسبوع، تؤكد ذلك، نظراً إلى أنها تندرج في سياق رمي المسؤولية على كاهل الأفرقاء اللبنانيين، بينما الجميع يدرك أنهم يعجزون وحدهم عن الوصول إلى أي إتفاق، وهو ما كان يدفع العديد من الشخصيات الفاعلة في قوى الثامن من آذار، إلى الرهان على مؤشرات سعودية جديدة من الممكن أن يحملها معه.
من وجهة نظر المصادر نفسها، النتائج العملية لتوجه الرياض، في الوقت الراهن، تكمن في مواقف حلفائها اللبنانيين، حيث كانت التأكيدات على إستمرار المعادلة الرئاسية على حالها، تصدر مباشرة بعد الزيارات التي يقوم بها السفير السعودي، ما يدفع إلى الحديث عن أنه حتى ولو حصل تبدل في الشكل، عبر الإعلان عن عدم وجود فيتو على أي مرشح، إلا أنه في المضمون يبقى الموقف هو نفسه من التسوية المطروحة، أي التوافق على إسم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.
إلى جانب الحراك السعودي، الذي مثلته جولات السفير البخاري على العديد من الشخصيات المحلية، تلفت المصادر السياسية المطلعة إلى أهمية عدم تجاهل ذلك الذي تعبر عنه الولايات المتحدة، حيث بات من الواضح أن واشنطن تسعى إلى وضع خطوط حمراء في هذا الإستحقاق، تعبر عنها من خلال المواصفات التي يتم الإعلان عنها بشكل مباشر، بالرغم من أن الإهتمام الأميركي ينصب، في هذا الوقت، على معرفة مصير حاكمية مصرف لبنان، بعد إنتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة.
بالتزامن، تدعو هذه المصادر إلى عدم التقليل من الحراك القطري السرّي القائم، خصوصاً أنه يأتي بعد الزيارة الإستكشافية التي قام بها وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي، وتشير إلى أن الدوحة، التي على ما يبدو ليست في وارد تجاوز الموقف السعودي، معنية بشكل مباشر في الأوضاع اللبنانية من منطلقين: الأول حضورها في تحالف الشركات المنقبة عن الغاز، أما الثاني فهو تمثيلها الموقف الأميركي، بشكل أو بآخر، أكثر من الجانبين السعودي أو الفرنسي.
في المحصلة، تعتبر المصادر نفسها أن ما يمكن الحديث عنه حالياً هو أن جميع الإحتمالات الرئاسية تبقى قائمة، لا سيما بالنسبة إلى المرشحين الأساسيين: فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، على إعتبار أن كل التحركات، التي على ما يبدو باتت أكثر جدية من الماضي، لم تصل إلى اللحظة الحاسمة بعد، لكنها على الأرجح تقترب.